قال الزجاج: " قال النحويون تقديره: أمرنا طاعة. وقال بعضهم منا طاعة" (١).
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾ [النساء: ٨١]، أي: " فإِذا ابتعدوا عنك وانصرفوا من مجلسك" (٢).
قال السدي: " فإذا خرجوا من عندك" (٣).
قال ابن عباس: " يقول: إذا برزوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم" (٤).
قال مقاتل: " يعني: خرجوا من عندك يا محمد" (٥).
قوله تعالى: ﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾ [النساء: ٨١]، أي: " دبّر جماعة منهم-ليلا- غير الذي تقوله لهم" (٦).
قال السمعاني: " أي: خالفوا بالليل ما قالوا بالنهار" (٧).
قال مقاتل: " يقول: ألفت طائفة منهم غير الذي تقول" (٨).
قال الضحاك: " هم المنافقون" (٩).
قال الطبري: أي: " غيَّر جماعة منهم ليلا الذي تقول لهم" (١٠).
قال أبو عبيدة: " أي قدروا ذلك ليلا" (١١).
قال الزمخشري: أي: " زورت طائفة وسوت خلاف ما قلت وما أمرت به. أو خلاف ما قالت وما ضمنت من الطاعة، لأنهم أبطلوا الرد لا القبول، والعصيان لا الطاعة. وإنما ينافقون بما يقولون ويظهرون" (١٢).
قال الزجاج: " أي: فلست حفيظا عليهم تعلم ما يغيب عنك من شأنهم، وهذا ونظائره في كتاب الله من أبين آيات النبي - ﷺ -، لأنهم ما كانوا يخفون عنه أمرا إلا أظهره الله عليه" (١٣).
قال مجاهد: " الطائفة: رجل" (١٤). وفي رواية أخرى: " الطائفة: رجل إلى ألف رجل" (١٥).
وفي تفسير قوله تعالى: ﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾ [النساء: ٨١]، قولان:
أحدهما: أنها غيّرت ما أضمرت من الخلاف فيما أمرتهم به أو نهيتهم عنه، وهذا قول ابن عباس (١٦)، وقتادة (١٧)، والسدي (١٨).
والثاني: معناه فدبَّرت غير الذي تقول على جهة التكذيب، وهذا قول الحسن (١٩).
قال الماوردي: "والتبييت كل عمل دُبِّر ليلاً" (٢٠).
قال أهل العلم: يقال لكل أمر قد قضي بليل قد بيت، وكل عمل عُمِل ليلا فقد " بُيِّت "، ومن ذلك " بيَّت " العدو، وهو الوقوع بهم ليلا ومنه قول عبيدة بن همام (٢١):

(١) معاني القرآن: ٢/ ٨١.
(٢) انظر: صفوة التفاسير: ٢٦٨، والتفسير الميسر: ٩١.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٦٦٧): ص ٣/ ١٠١٢.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٦٦٨): ص ٣/ ١٠١٢.
(٥) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٩٢.
(٦) انظر: صفوة التفاسير: ٢٦٨، والتفسير الميسر: ٩١.
(٧) تفسير السمعاني: ١/ ٤٥٢.
(٨) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٩٢.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٦٧١): ص ٣/ ١٠١٢.
(١٠) تفسير الطبري: ٨/ ٥٦٢.
(١١) أخرجه ابن المنذر (٢٠٣٩): ص ٢/ ٨٠٣.
(١٢) الكشاف: ١/ ٥٣٩.
(١٣) معاني القرآن: ٢/ ٨١.
(١٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٦٧٢): ص ٣/ ١٠١٣.
(١٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٦٧٣): ص ٣/ ١٠١٣.
(١٦) انظر: تفسير الطبري (٩٩٨١): ص ٨/ ٥٦٤.
(١٧) انظر: تفسير الطبري (٩٩٨٠): ص ٨/ ٥٦٤.
(١٨) انظر: تفسير الطبري (٩٩٨٢): ص ٨/ ٥٦٤.
(١٩) انظر: النكت والعيون: ١/ ٥١٠.
(٢٠) النكت والعيون: ١/ ٥٠٩.
(٢١) انظر البيت في: مجاز القرآن لأبي عبيدة ١/ ١٣٣، الحيوان ٤/ ٣٧٦، الكامل ٢/ ٣٥، ١٠٦، الأزمنة والأمكنة للمرزوقي ١/ ٢٦٣، ديوان الأسود بن يعفر لنهشلي، أعشى بني نهشل، في ديوان الأعشين: ٢٩٨، اللسان (نكر). وروى: " فقد طرقوني بشيء ".
" طرقوني ": أتوني ليلا. و " نكر " بضمتين، مثل " نكر " بضم فسكون: الأمر المنكر الذي تنكره. والبيت يتممه الذي بعده.


الصفحة التالية
Icon