الله، خلِّ بيننا وبينه، فإنه صاحبنا! قال: إنه قد قلَّد! قالوا: إنما هو شيء كنا نصنعه في الجاهلية! فأبى عليهم، فنزلت هذه الآية" (١). [ضعيف جدا] (٢).
والثاني: أن ناسا من المشركين جاءوا يؤمون البيت يوم الفتح مهلين بعمرة، فقال المسلمون: لا ندع هؤلاء بل نغير عليهم، فنزل قوله تعالى ولا آمين البيت الحرام (٣). وهذا قول ابن عباس أيضا (٤)، وقتادة (٥)، وابن زيد (٦).
قال ابن عباس: " كان المشركون يحجون البيت الحرام، ويهدون الهدايا، ويعظمون حرمة المشاعر، ويتجرون في حجهم، فأراد المسلمون أن يَغِيرُوا عليهم؛ فقال الله -عزّ وجلّ-: ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ (٧). [حسن].
والثالث: أن قوله تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا﴾ [المائدة: ٢]، نزلت في النهي عن الطلب بذُحول الجاهلية. وهذا قول مجاهد (٨).
أخرج الطبري عن مجاهد في قول الله: " ﴿أن تعتدوا﴾، رجل مؤمن من حلفاء محمد، قتل حليفًا لأبي سفيان من هذيل يوم الفتح بعرفة، لأنه كان يقتل حلفاء محمد، فقال محمد صلى الله عليه وسلم: لعن الله من قتل بذَحْل الجاهلية" (٩).
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [المائدة: ٢]، أي: " يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه" (١٠).
قال ابن عباس: " ما أنزل الله آية في القرآن، يقول فيها: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾، إلا كان على شريفها وأميرها" (١١).
قوله تعالى: ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ [المائدة: ٢]، أي: " لا تستحلوا حُرمات الله ولا تعتدوا حدوده" (١٢).
قال الطبري: أي: " لا تستحلوا، أيها الذين آمنوا، معالم الله فيدخل في ذلك معالم الله كلها في مناسك الحج" (١٣).
قال الماوردي: " أى: معالم الله، مأخوذ من الإِشعار وهو الإِعلام" (١٤).
الحرام" (١٥).
وفي «شعائر الله»، خمسة تأويلات:
أحدها: أنها مناسك الحج، وهو قول ابن عباس (١٦)، ومجاهد (١٧)، ومقاتل (١٨)، والإمام الشافعي (١٩).
(٢) أخرجه الطبري من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.
(٣) انظر: زاد المسير: ١/ ٥٠٧.
(٤) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٤١): ص ٩/ ٤٦٣.
(٥) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٧٦): ص ٩/ ٤٧٨، تفسير عبدالرزاق: ١/ ١/١٨٢، ووالناسخ والمنسوخ للنحاس: ١١١، ونسبه السيوطي في الدر المنثور: ٣/ ٨، لعبد بن حميد.
(٦) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٦٠): ٩/ ٤٧٤.
(٧) أخرجه الطبري (١٠٩٤١): ص ٩/ ٤٦٣، وابن أبي حاتم؛ كما في "الدر المنثور": ٣/ ٥، والنحاس في "ناسخه": ١١١. وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" لابن المنذر.
(٨) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٩٧)، و (١٠٩٩٨): ص ٩، ٤٨٩
(٩) أخرجه الطبري (١٠٩٩٧): ص ٩، ٤٨٩
(١٠) التفسير الميسر: ١٠٦.
(١١) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠٣٥): ص ١/ ١٩٦.
(١٢) صفوة التفاسير: ٣٠١.
(١٣) تفسير الطبري: ٩/ ٤٦٤.
(١٤) النكت والعيون: ٢/ ٦.
(١٥) معاني القرآن: ٢/ ١٤٢.
(١٦) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٤٠)، و (١٠٩٤١): ص ٩/ ٤٦٣.
(١٧) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٤٢)، و (١٠٩٤٣): ص ٩/ ٤٦٣ - ٤٦٤.
(١٨) انظر: تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٥١.
(١٩) تفسير الإمام الشافعي: ٢/ ٦٩٥.