قوله تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ [المائدة: ٤١]، أي: " فإنهم قوم يستمعون للكذب، ويقبلون ما يَفْتَريه أحبارُهم" (١).
قال جابر بن عبدالله: " يهود المدينة" (٢).
قال مقاتل بن حيان: " فهم يهود أهل قريظة والنضير فيهم لبابة بن سعفة وكعب بن الأشرف، وسعيد بن عمرو" (٣).
قال السدي: " هم أبو بسرة وأصحابه" (٤).
قال الماوردي: " أى: قائلون للكذب عليك" (٥).
قال الزمخشري: أي: " قابلون لما يفتريه الأحبار ويفتعلونه من الكذب على الله وتحريف كتابه من قولك الملك يسمع كلام فلان. ومنه «سمع الله لمن حمده» " (٦).
قوله تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ﴾ [المائدة: ٤١]، أي: " ويستجيبون لقوم آخرين لا يحضرون مجلسك" (٧).
قال الزمخشري: "يعنى: اليهود الذين لم يصلوا إلى مجلس رسول الله ﷺ وتجافوا عنه لما أفرط فيهم من شدة البغضاء وتبالغ من العداوة قابلون لما يفتريه الأحبار ويفتعلونه من الكذب على الله وتحريف كتابه من قولك الملك يسمع كلام فلان. ومنه «سمع الله لمن حمده» " (٨).
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: " ﴿سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين﴾ قال: لقوم آخرين لم يأتوك من أهل الكتاب، هؤلاء سماعون لأولئك القوم الآخرين الذين لم يأتوا، يقولون لهم الكذب محمد كاذب وليس من التوراة، فلا تؤمنوا به وليس يحرفون هؤلاء الذين لم يأتوك" (٩).
وفي قوله تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ﴾ [المائدة: ٤١]، وجهان:
احدهما: يعني: ﴿سماعون لقوم آخرين﴾: أهل فدك. وهذا قول جابر بن عبدالله (١٠).
وروي عن مجاهد: "انهم هم اليهود" (١١).
والثاني: أنهم يهود خيبر، وذلك حين زنت المرأة. وهذا قول مقاتل بن حيان (١٢).
قوله تعالى: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ﴾ [المائدة: ٤١]، أي: " وهؤلاء الآخرون يُبَدِّلون كلام الله من بعد ما عَقَلوه" (١٣).
قال ابن زيد: " هؤلاء كلهم يهود بعضهم من بعض" (١٤).
قال مقاتل بن حيان: " قوله: ﴿يحرفون الكلم﴾، يزيدون فيه وينقصونه" (١٥).
قال ابن عباس: " ﴿يحرفون الكلم﴾، يعني: يحرفون حدود الله في التوراة" (١٦).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٣٥٤): ص ٤/ ١١٣٠.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٣٥٥): ص ٤/ ١١٣٠.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٣٥٦): ص ٤/ ١١٣٠.
(٥) النكت والعيون: ٢/ ٣٩.
(٦) الكشاف: ١/ ٦٣٣.
(٧) التفسير الميسر: ١١٤.
(٨) الكشاف: ١/ ٦٣٣.
(٩) أخرجه ابن ابي حاتم (٦٣٥٩): ص ٤/ ١١٣١.
(١٠) انظر: تفسير ابن ابي حاتم (٦٣٥٧): ص ٤/ ١١٣٠ - ١١٣١.
(١١). انظر: تفسير ابن ابي حاتم: ٣/ ١١٣١. ذكره دون إسناد.
(١٢) انظر: تفسير ابن ابي حاتم (٦٣٥٨): ص ٤/ ١١٣١.
(١٣) التفسير الميسر: ١١٤.
(١٤) أخرجه ابن ابي حاتم (٦٣٦٤): ص ٤/ ١١٣٢.
(١٥) أخرجه ابن ابي حاتم (٦٣٦١): ص ٤/ ١١٣١.
(١٦) أخرجه ابن ابي حاتم (٦٣٦٢): ص ٤/ ١١٣١.