قال مقاتل: " ومن لم يحكم بما أنزل الله في التوراة: بالرجم ونعت محمد- صلى الله عليه وسلم-، ويشهد به ﴿فأولئك هم الكافرون﴾ " (١).
قال الزمخشري: أي: " ومن لم يحكم بما أنزل الله مستهينا به فأولئك هم الكافرون" (٢).
قال الطبري: أي: "ومن كتم حُكم الله الذي أنزله في كتابه وجعله حكمًا يين عباده، فأخفاه وحكم بغيره، كحكم اليهود في الزانيين المحصنين بالتجبيه والتحميم، وكتمانهم الرجم، وكقضائهم في بعض قتلاهم بدية كاملة وفي بعض بنصف الدية، وفي الأشراف بالقِصاص، وفي الأدنياء بالدية، وقد سوَّى الله بين جميعهم في الحكم عليهم في التوراة فهؤلاء هم الذين سَتَروا الحق الذي كان عليهم كشفه وتبيينُه، وغطَّوه عن الناس، وأظهروا لهم غيره، وقضوا به، لسحتٍ أخذوه منهم عليه" (٣).
قال المراغي: " أي: وكل من رغب عن الحكم بما أنزل الله وأخفاه وحكم بغيره كحكم اليهود فى الزانيين المحصنين بالتحميم، وكتمانهم الرجم وقضائهم في بعض قتلاهم بدية كاملة وفى بعضها بنصف الدية، والله قد سوى بين الجميع فى الحكم فأولئك هم الكافرون الذين ستروا الحق الذي كان عليهم كشفه وتبيينه، وغطوه وأظهروا لهم غيره وقضوا به" (٤).
قال السعدي: " فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفرا ينقل عن الملة، وذلك إذا اعتقد حله وجوازه. وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أعمال الكفر قد استحق من فعله العذاب الشديد" (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَآ أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: ٤٤]، ثم قال تعالى: ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: ٤٥]، ، ثم قال تعالى ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٤٧]، وفي اختلاف هذه الآي الثلاث أربعة أقاويل:
أحدها: أنها واردة في اليهود دون المسلمين، وهذا قول ابن مسعود (٦)، وحذيفة (٧)، والبراء (٨)، وقتادة (٩)، وعكرمة (١٠).
الثاني: أنها نزلت في أهل الكتاب، وحكمها عام في جميع الناس، وهذا قول الحسن (١١)، وإبراهيم (١٢)، والسدي (١٣).
والثالث: أنه أراد بالكافرين أهل الإِسلام، وبالظالمين اليهود، وبالفاسقين النصارى، وهذا قول الشعبي (١٤).
والرابع: أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به، فهو كافر، ومن لم يحكم مقراً به فهو ظالم فاسق، وهذا قول ابن عباس (١٥).

(١) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٧٩.
(٢) الكشاف: ١/ ٦٣٧.
(٣) تفسير الطبري: ١٠/ ٣٤٥ - ٣٤٦ س.
(٤) تفسير المراغي: ٦/ ١٢٣.
(٥) تفسير السعدي: ٢٣٢.
(٦) انظر: تفسير الطبري (١٢٠٣٧): ص ١٠/ ٣٥٢ - ٣٥٣.
(٧) انظر: تفسير الطبري (١٢٠٢٧)، و (١٢٠٢٩)، و (١٢٠٣٠) ص ١٠/ ٣٤٧ - ٣٤٩.
(٨) انظر: تفسير الطبري (١٢٠٢٢): ص ١٠/ ٣٤٥، و (١٢٠٣٤): ص ١٠/ ٣٥١.
(٩) انظر: تفسير الطبري (١٢٠٣٢): ص ١٠/ ٣٥١.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (١٢٠٣١)، و (١٢٠٣٣): ص ١٠/ ٣٥١.
(١١) انظر: تفسير الطبري (١٢٠٦٠): ص ١٠/ ٣٥٧.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (١٢٠٥٧) - (١٢٠٥٩): ص ١٠/ ٣٥٦ - ٣٥٧.
(١٣) انظر: تفسير الطبري (١٢٠٦٢): ص ١٠/ ٣٥٧.
(١٤) انظر: تفسير الطبري (١٢٠٣٨) - (١٢٠٤٦): ص ١٠/ ٣٥٣ - ٣٥٥.
(١٥) انظر: تفسير الطبري (١٢٠٦٣): ص ١٠/ ٣٥٧.


الصفحة التالية
Icon