إما مجرور معطوف على الذكر بجعله ذاكرا على المجاز، والمعنى: فاذكروا الله ذكرا كائنا مثل ذكركم آباءكم أو كذكر أشد منه وأبلغ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و[عن] (١) الثاني: بأنه إنما يلزم ما ذُكر أن لو كان (أَفْعَل) من الذكر وبُنْيَ منه، إنما بُنْيَ مما يصح بناؤه منه للفاعل، وهو ﴿أَشَدَّ﴾، وجعل ﴿ذِكْرًا﴾ الذي بمعنى المذكور تمييزا، كأنه قيل: أشد مذكورا، كقولك: أكثر شغلا، وأقبح عورا، وزيد أشد مضروبية من عمرو." (٢)
" وعن الثالث: بأنه نظر إلى التوافق بين المعطوف والمعطوف عليه، وإلى جَعْلِه من عطف المفرد على المفرد، لا من عطف الجملة على الجملة؛ لأنه جعل أحدهما مصدرا والآخر حالا له عامل آخر مما يؤدي إلى تنافر النظم." (٣) (٤) انتهى (سعد) أهـ " (٥).
(إما مجرور معطوف على الذكر إلخ) عبارة (ق):
" إما مجرور معطوف على الذكر، بجعل الذكر ذاكرا على المجاز، [ولولاه لما صح نصبه؛ لأن المنصوب بعد (أَفْعَل) غير الذي قبله، كقولك: زيدا فَرِهَ عبدا، فالفراهة للعبد لا لزيد، على معنى فَرِهَ عبده، بخلاف المجرور فإنه بعضه] (٦)، والمعنى: فاذكروا الله إلخ ما هنا." (٧)
فكتب (ش):
" أو كذكر أشد ذكرا: على الإسناد المجازي (٨)، وصفا للشاء بوصف صاحبه، كما يقال: جد جده. فجعل الذكر ذاكرا، حيث أثبت له ذكرا.
_________
(١) في ب: على. والمثبت أعلى هو الصحيح.
(٢) حاشية السيوطي على البيضاوي (٢/ ٤٠١).
(٣) حاشية الطيبي على الكشاف (٢/ ٣٢٣ - ٣٢٤).
(٤) ينظر: مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (١٣٢ / أ) بتصرف.
(٥) حاشية السيوطي على البيضاوي (٢/ ٣٩٧ - ٤٠٠).
(٦) ما بين المعقوفين من كلام الشيخ السقا.
(٧) تفسير البيضاوي (١/ ١٣٢).
(٨) الإسناد المجازي: الإسناد: هو نسبةُ شيءٍ إلى شَيْءٍ إثباتاً أو نفياً. نحو: "زيد قائم" و " زيد غير كريم" فزيد في المثالين مسند إليه، حُكِمَ عليه بأنه "قائم" و "غير كريم" الذي هو المسند المحكوم به، وهذا الحكم يسمى الإسناد. أما الإسناد المجازي: فهو أن يجَعَلَ المتكلّم الإِسنادَ في جملتهِ مبنيَّاً على غَيْرِ ما يَعْتَقِد أنّه هو لَهُ في الواقع، مُلاحِظاً علاقَةً ما تَسْمَحُ لَهُ بأنْ يُسْنِدَ هذا الإِسناد، دون أَنْ يتَّهِمَهُ أحَدُ بالكذِب، فهو إسنادٌ مجازيٌّ، ويُسمَّى هذا "مجازاً عقليّاً" لأنّه وقَعَ في الإِسناد، لا في الْمُسْنَدِ، ولا في الْمُسنَدِ إليه. نحو: " قَتَلَتِ الْمُتَهَوِّرَ حَمَاقَتُهُ " فقد أسندنا القتل إلى الحماقة، فجعلناها هي القاتلة، مع أنّ القاتل هو الخصم الذي نازله المقتول، وهو غير كفءٍ لمنازلَتهِ. ينظر: الإيضاح في علوم البلاغة (١/ ٦٥) [لأبي المعالي، جلال الدين القزويني ت: ٧٣٩ هـ، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي، دار الجيل - بيروت، ط: الثالثة]، البلاغة العربية (١/ ١٩٤).