..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
دعائهم من التكلف (١) ". (٢) أهـ
فأنت تراه جعل احتمالات (من) كلها في الاحتمال الأول في الإشارة، وليس في الثاني إلا الابتداء على تقدير المضاف، أو الثالث على ما فيه.
وظاهر المفسر (٣) خلاف هذا كـ (ق)، إلا أن (ق) قال:
" ﴿لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا﴾ أي: من جنسه، وهو: جزاؤه، أو من أجله، أو مما دعوا به، نعطيهم منه ما قدرنا." (٤) أهـ
فكتب (ع):
" (أي من جنسه) " يحتمل التبعيض على نحوهما من جنس واحد، والابتداء أي: مبدأهما جنس واحد، وهذا أقرب؛ لأن الجنس (٥) هو: الحسنة المطلقة،
والنوعان (٦) الدنيوي والأخروي، والحمل على البيان ليس بالوجه ". (٧) كذا في الكشف. أهـ
_________
(١) يرى الأمام الزمخشري أن قوله: ﴿أُوْلَئِكَ﴾ إن كان إشارة إلى الفريق الثاني المذكور في قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: ٢٠١]، فـ "من" في قوله: ﴿مِّمَّا كَسَبُوا﴾ إما للبعضية، والمعنى: لهم نصيب من جنس ما كسبوا من الأعمال الحسنة وهو: الثواب الحسن.
أو للسببية، والمعنى: لهم نصيب حسن بسبب ما كسبوا من الأعمال الحسنة.
وإن جعل الكسب عبارة عن دعائهم وطلبهم إيتاء الحسنتين فـ "من" للبعضية، والمعنى: لهم البعض مما دعوا. وإن جعل لفظ ﴿أُوْلَئِكَ﴾ إشارة إلى الفريقين معا، أي: الفريق الداعي بحسنة الدنيا فقط، والفريق الداعي بالحسنتين، فـ "من " حينئذ للابتداء، والمعنى: أن لكل فريق منهم نصيبا من جنس ما كسبوا، ولا يجوز أن تكون سببية، ولا يبعد هنا الاحتمال الثالث مع ما فيه من التكلف.
(٢) مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (١٣٢ / ب - ١٣٣ / أ).
(٣) أي الإمام أبي السعود في تفسيره.
(٤) تفسير البيضاوي (١/ ١٣٢).
(٥) الجِنْس: أَعَمُّ مِنَ النَّوْع، وهو اسم دال على كثيرين مختلفين بالأنواع. كالنبات فهو جنس يشمل عدة أنواع كالقمح والشعير. ينظر: التعريفات - باب الجيم (١/ ٧٨) [لعلي بن محمد الجرجاني ت: ٨١٦ هـ، دار الكتب العلمية بيروت -لبنان، ط: الأولى ١٤٠٣ هـ -١٩٨٣ م].
(٦) النَّوْع: أخص من الجنس، وهو اسم دال على أشياء كثيرة مختلفة بالأشخاص. وكل صنف أو ضرب من شَيْء فَهُوَ النَّوْع. ينظر: التعريفات - باب النون (١/ ٢٤٧)، الكليات - فصل النون (١/ ٨٨٧).
(٧) حاشية الكشف على الكشاف، لعمر بن عبد الرحمن (١/ ٣٨٧).