أي: لكل منهم نوع: نصيب من جنس ما كسَبوا، أو من أجله، كقوله تعالى: ﴿مِّمَّا خَطِيآتِهِمْ أُغْرِقُوا﴾، أو مما دَعَوْا به نعطيهم منه ما قدّرناه.
وتسميةُ الدعاء كسْباً؛ لما أنه من الأعمال.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(من جنس ما كسبوا): وهو جزاؤه، فمن بيانية، والجنسية باعتبار كونه حسنة، أو ابتدائية، أو تبعيضية، أو تعليلية.
(أو من أجله): " فعلى هذا (من) للابتداء والمبدئية على وجه التعليل." (١) (ع)
(أو مما دعوا به): " صريح في أن من للتبعيض، فعلى هذا قوله: ﴿مِّمَّا كَسَبُوا﴾ من وضع الظاهر موضع المضمر بغير لفظه السابق (٢)؛ لأن المفهوم من ﴿رَبَّنَا آتِنَا﴾ الدعاء لا الكسب." (٣) (ع)
لكن في (ش): " والمراد بـ (ما كسبوا): الدعاء؛ لأنه عمل لهم، والعمل يوصف بالكسب." (٤)
وهو ما أشار إليه المصنف (٥) بقوله: (وتسمية الدعاء كسبا).
_________
(١) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٥ / ب).
وينظر: روح المعاني (١/ ٤٨٧).
(٢) قال تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ إلخ [البقرة: ٢٠١] ثم لم يقل: (أولئك لهم نصيب مما دعوا به)، بل قال: ﴿لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا﴾ مع أن المفهوم من قوله: ﴿رَبَّنَا آتِنَا﴾ الدعاء لا الكسب، فعبر بالكسب - وهو لفظ ظاهر - عن الدعاء - وهو معنى مضمر في قوله: ﴿رَبَّنَا آتِنَا﴾ - من باب وضع الظاهر موضع المضمر بغير لفظه السابق؛ وذلك لأن الدعاء؛ عمل لهم، والعمل يوصف بالكسب. وهذا باب من أبواب الإطناب يأتي في القرآن لحكم كثيرة منها: التَّنْبِيهُ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ، نحو قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾ [الأعراف: ١٧٠] وَلَمْ يَقُلْ: "أَجْرَهُمْ"؛ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ صَلَاحَهُمْ عِلَّةٌ لِنَجَاتِهِمْ. ينظر: البرهان (٢/ ٤٨٢)، الاتقان (٣/ ٢٤٤).
(٣) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٥ / أ).
وينظر: روح المعاني (١/ ٤٨٧).
(٤) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٣).
وينظر: محاسن التأويل (٢/ ٧٩).
(٥) أي: الإمام أبو السعود في تفسيره.