..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والجملة تذييل لقوله: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ﴾ إلخ. (١)
واعلم أن المحاسبة (٢) إما على حقيقتها كما هو قول أهل الحق: من أن النصوص على ظواهرها ما لم يصرف عنها صارف.
أو مجاز عن خلق علم ضروري (٣) فيهم بأعمالهم، وجزائها كما وكيفا، أو عن مجازاتهم عليها." (٤) (ع)
وفي (ز):
" اِخْتُلِفَ في معنى كونه تعالى محاسبا لعباده على وجوه:
أحدها: أنه يعلمهم بما لهم وما عليهم، بخلق علم ضروري في قلوبهم بمقادير أعمالهم، وبكميتها وكيفيتها، ومالهم من الثواب والعقاب.
_________
(١) الحاصل: أن الإضافة في قوله تعالى: ﴿سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾:
إما إضافة معنوية بمعنى: سريع في الحساب، أي سريع في محاسبة الخلائق مع كثرتهم، وتكون الجملة تذييلا لقوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ﴾.
وإما إضافة لفظية من إضافة الصفة المشبهة لمعمولها بمعنى: سريع حسابه، كناية عن سرعة مجاء يوم القيامة، وتكون الجملة تذييلا لقوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ﴾.
وقال الإمام القرطبي في تفسيره (٢/ ٤٣٤) ما ملخصه: " وَالْمَعْنَى فِي الْآيَةِ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ:
لَا يَحْتَاجُ إِلَى عَدٍّ، وَلَا إِلَى عَقْدٍ، وَلَا إِلَى إِعْمَالِ فِكْرٍ كَمَا يَفْعَلُهُ الْحَسَّابِ.
وَقِيلَ: سَرِيعُ الْمُجَازَاةِ لِلْعِبَادِ بِأَعْمَالِهِمْ.
وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ، فَيُحَاسِبُهُمْ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَقِيلَ: هُوَ أَنَّهُ إِذَا حَاسَبَ وَاحِدًا فَقَدْ حَاسَبَ جَمِيعَ الْخَلْقِ.
وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ سَرِيعٌ بِمَجِيءِ يَوْمِ الْحِسَابِ، فَالْمَقْصِدُ بِالْآيَةِ الْإِنْذَارُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قُلْتُ: وَالْكُلُّ مُحْتَمَلٌ."
وينظر: معالم التنزيل (١/ ٢٦١)، المحرر الوجيز (١/ ٢٧٧)، زاد المسير (١/ ١٦٨).
(٢) المحاسبة: مفاعلة من الحساب، وهو: توقيف الله الناس على أعمالهم، خيرا كانت أو شرا، قولا كانت أو فعلا، تفصيلا بعد أخذهم كتبهم. ينظر: تحفة المريد على جوهرة التوحيد (٢/ ١٤٩) [لإبراهيم بن محمد الباجوري ت: ١٢٧٧ هـ، دار السعادة - القاهرة، ط: ٢٠٠٦ م - ١٤٢٧ هـ].
(٣) العلم الضروري: هُوَ مَا يحصل بِدُونِ فكر وَنظر فِي دَلِيل، وهو يُقَابل الاستدلالي: الذي يحتاج إلى دليل. ينظر: الكليات (١/ ٥٧٦).
(٤) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٥ / ب).
وينظر: روح المعاني (١/ ٤٨٧).


الصفحة التالية
Icon