..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شيء منهما فيحسب أن أحدهما يرهق (١) صاحبه أثام (٢) في الإقدام عليه، لأن ذا التقوى (٣) حذر متحرِّز عن كل ما يريبه؛ ولأنه هو الحاج (٤) عند الله.
ثم قال: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ ليعبأ بكم.
ويجوز أن يقال: ذلك الذي مَرَّ ذكره من أحكام الحج وغيره لمن اتقى؛ لأنه هو المنتفع به دون مَن سواه كقوله: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ﴾ (٥)." (٦) أهـ
كتب السعد:
" (أي ذلك التخيير) يريد أن اللام في: ﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾ للبيان (٧)، كما في قوله: ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ (٨) أي: [هذا] (٩) الخطاب لك.
فالظرف عند التحقيق: خبر لمبتدأ محذوف (١٠)، وتخصيصه بالحاج المتقي؛ لوجهين،
أحدهما: أنه الذي يعرض له ذلك ويلتفت إليه.

(١) يَرهَق: من رهِق الشَّيءُ الشَّخصَ ونحوَه: إذا غشِيه ولَحِقه، رهِقَه الدَّيْنُ والذنبُ، ومنه: ﴿وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ﴾ [يونس: ٢٦]. ينظر: معجم اللغة العربية - مادة رهق (٢/ ٩٥١).
(٢) الْأَثَامُ: بالهمزة من غير مد: هي العقوبة والعذاب الشديد وجَزَاءُ الْإِثْمِ، ومنه: ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [لفرقان: ٦٨]، أما الآثام بالمد: فهي جمع الْإِثْمُ: الذي هو الذَّنْبُ. ينظر: معجم اللغة العربية - مادة أثم (١/ ٦٣).
(٣) التقوى: هي حفظ النفس عما يؤثّم، وذلك بترك المحظور. وقيل: هي جماع الخير كله. وهي التي على أساسها يتفاضل البشر، يقول تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحُجُرات: ١٣]. ينظر: المفردات - مادة وقى (١/ ٨٨١)، الموسوعة القرآنية المتخصصة (١/ ٧٣٤).
(٤) في تفسير الكشاف (هو الحاج على الحقيقة عند الله) بزيادة (على الحقيقة).
(٥) سورة: الروم، الآية: ٣٨.
(٦) تفسير الكشاف (١/ ٢٥٠).
(٧) لام البيان: هي اللام الواقعة بعد أسماء الأفعال، والمصادر التي تشبهها، مبينة لصاحب معناها. نحو: ﴿هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ﴾ [المؤمنون: ٣٦]، ﴿فَتَعْسًا لَّهُمْ﴾ [محمد: ٨]. وتتعلق بفعل مقدر، تقديره: أعني. ينظر: الجنى الداني (١/ ٩٧)، الكليات (١/ ٧٨٢).
(٨) سورة: يوسف، الآية: ٢٣.
(٩) سقط من ب.
(١٠) ينظر: إعراب القرآن وبيانه (١/ ٣٠٣)، إعراب القرآن الكريم (١/ ٣٠٣) [لأحمد عبيد الدعاس وأخرين، دار المنير ودار الفارابي - دمشق، ط: الأولى، ١٤٢٥ هـ].


الصفحة التالية
Icon