أو احذروا الإخلالَ بما ذُكر من الأحكام، وهو الأنسبُ بقوله عز وجل: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ أي: للجزاء على أعمالكم بعد الإحياءِ والبعث.
وأصلُ الحشر: الجمع وضم المتفرّق، وهو تأكيدٌ للأمر بالتقوى، وموجب للامتثال به؛ فإن من علِم بالحشر والمحاسبة والجزاءِ كان ذلك من أَقْوى الدَّواعي إلى ملازمة التقوى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العزم (١)، لا فيما يختلج في الصدر من غير عزيمة، فإنه مغفور.
والتعليل بقوله: (ليعبأ (٢) بكم) مستفاد من اقتران ﴿اتَّقُوا﴾ بقوله: ﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾؛ فإن الحكم الإلهي لما كان المنتفع به المتقي، أو لأجله كان المتقي عند الله مما يعبأ به." (٣) أهـ
وفي (ز):
" (في مجامع أموركم) أي: قبل الاشتغال بالحج وبعده؛ ليعبأ بأعمالكم، فإن المعاصي تأكل الحسنات عند الموازنة (٤)." (٥) أهـ
_________
(١) العزم: من عزَمَ الأمرَ وعلى الأمر: أراد فعله وعقد عليه نِيَّته، والعَزْمُ: مَا عَقَد عَلَيْهِ قلبُك من أمرٍ أَنَّك فَاعله ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٥٩]. ينظر: تهذيب اللغة - بَاب الْعين وَالزَّاي مَعَ الْمِيم (٢/ ٩٠)، معجم اللغة العربية - مادة عزم (٢/ ١٤٩٥).
(٢) يَعبَأ: من عبَأ بالأمر وللأمر: اهتمَّ واكترث. ومَا عَبَأَ بِهِ: مَا بَالَى بِهِ: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾ [الفرقان: ٧٧]. ينظر: مختار الصحاح - مادة عبأ (١/ ١٩٨)، معجم اللغة العربية - مادة عبأ (٢/ ١٤٤٦).
(٣) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٦ / أ).
(٤) المُوَازَنَة: هي مفاعلة من وَزَنَ، يقال: وَازَنَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ مُوَازَنَةً: قارن بينهما ونظر أيّهما أوزن أي: أثقل، وموازنة الحسنات والسيئات يوم القيامة: أي وضعهما في الميزان لمعرفة أيهما أثقل. ﴿فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩)﴾ [القارعة: ٩: ٦]. ينظر: المفردات (١/ ٨٦٨)، معجم اللغة العربية - مادة وزن (٣/ ٢٤٣٢)، تحفة المريد (٢/ ١٦٤).
(٥) حاشية زادة على البيضاوي (٢/ ٤٩٩).