..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإن أخذ شخص بشخص شاء، يستلزم حكمه حمله عليه وإلزامه إياه. (١)
وفي النهر: " أخذته العزة: احتوت عليه وأحاطت به، وصار كالمأخوذ بها بالإثم، أي: مصحوبا أو مصحوبة بالإثم.
(أو للسبب)، أي: إثمه السابق كان سببا لأخذ العزة له." (٢) أهـ
ومعنى قوله: " جرفتن ": إمساك وقبض.
" (ويجوز أن يكون من الأخذ بمعنى الأسر): في النهاية (٣): " (كُنْ خَيْرَ آخِذٍ) (٤)،
_________
(١) الأَخْذ: في الأصل: حوز الشيء وتحصيله وتناوله، وهو ضد العطاء. ينظر: المفردات - مادة أخذ (١/ ٦٧)، مختار الصحاح - مادة أخذ (١/ ١٤)، تاج العروس - مادة أخذ (٩/ ٣٩٣).
وقد ورد فى القرآن على خمسة أَوجه:
الأَوّل: بمعنى القبول: ﴿وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾ [التوبة: ١٠٤] أي: يقبلها.
الثانى: بمعنى الحَبْس: ﴿فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ﴾ [يوسف: ٧٨] أَى: احبس.
الثالث: بمعنى العذاب والعقوبة: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ﴾ [هود: ١٠٢] أَى: عذابه.
الرّابع: بمعنى القتل: ﴿وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ﴾ [غافر: ٥] أَى يقتلوه.
الخامس: بمعنى الأَسْر: ﴿وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥].
ينظر: الوجوه والنظائر، لأبي هلال العسكري (١/ ٣٨)، نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر (١/ ١٣٣)، بصائر ذوي التمييز (٢/ ١٠٤).
وقد زاد الطاهر بن عاشور في " التحرير والتنوير" (٢/ ٢٧١) معنى على هذه المعاني وهو: " التَّلَقِّي: مِثْلُ: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم﴾ [آل عمران: ٨١]، وَمِنْهُ أُخِذَ فُلَانٌ بِكَلَامٍ فُلَانٍ."
(٢) النهر الماد، بهامش تفسير " البحر المحيط " (١/ ١١٧).
(٣) يقصد معجم: النهاية في غريب الحديث والأثر، لمجد الدين المبارك بن محمد ابن الأثير، المتوفى: ٦٠٦ هـ.
(٤) هذا جزء من حديث أخرجه الحاكم في مستدركه (٣/ ٣١)، كتاب المغازي والسرايا، رقم: ٤٣٢٢، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَارِبَ خَصَفَةَ بِنَخْلٍ، فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غُرَّةً، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «اللَّهُ»، قَالَ: فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «مَنْ يَمْنَعُكَ؟ »، قَالَ: كُنْ خَيْرَ آخِذٍ، قَالَ: «تَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ »، قَالَ: أُعَاهِدُكَ عَلَى أَنْ لَا أُقَاتِلَكَ، وَلَا أَكُونُ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ، قَالَ: فَخَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبِيلَهُ فَجَاءَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ..... إلخ "، وقال الحاكم: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»، وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢/ ٢٣٨)، كتاب الجهاد، باب صلاة الخوف، رقم: ٢٥٠٤، [لسعيد بن منصور بن شعبة الخراساني ت: ٢٢٧ هـ، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، الدار السلفية - الهند، ط: الأولى، ١٤٠٣ هـ -١٩٨٢ م]، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (٣/ ٣١٢)، مسند جابر، رقم: ١٧٧٨، [لأبي يعلى أحمد بن علي الموصلي ت: ٣٠٧ هـ، تحقيق: حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث - دمشق، ط: الأولى، ١٤٠٤ - ١٩٨٤]، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (٣/ ١٩٣) بلفظ: " كن كخير آخذ "، مسند جابر ابن عبد الله - رضي الله عنه -، رقم ١٤٩٢٩.