والخطاب للمسلمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وشعب الإسلام: هي ما روي عنه عليه السلام أنه قال: " الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ." (١) " (٢) (ع)
وهذا وجه المفسر الرابع (٣).
(والخطاب للمسلمين): " في التعبير بالمسلمين؛ إشارة إلى علة عدم جواز إرادة الدخول في نفس الإسلام، وما قال الزجاج: " من أن المراد ثباتهم على الإسلام كما في: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِي﴾ (٤) " (٥) ففيه: أن التعبير عن الثبات على الإسلام: بالدخول فيه - بعيد غاية البعد." (٦)
_________
(١) أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " (١/ ٦٣)، رقم: ٥٨، كِتَاب: الْإِيمَان، بَاب: شُعَب الْإِيمَانِ، وتتمته: " وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ."، وأخرجه الإمام أبو داود في " سننه " (٤/ ٢١٩)، رقم: ٤٦٧٦، كِتَاب: السُّنَّة، بَاب: فِي رَدِّ الْإِرْجَاءِ، وصححه الألباني، وأخرجه الإمام الترمذي في " سننه" (٤/ ٣٠٦)، رقم: ٢٦١٤، أَبْوَابُ الْإِيمَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِكْمَالِ الإِيمَانِ وَزِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ، وقال عنه: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ "، وأخرجه الإمام النسائي في " سننه " (٨/ ١١٠)، رقم: ٥٠٠٥، كِتَاب: الْإِيمَان وَشَرَائِعه، باب: ذِكْر شُعَبِ الْإِيمَانِ، وصححه الألباني.
(٢) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٩ / أ، ب).
(٣) حيث قال: " أو في شعب الإسلام وأحكامِه كلها، فلا يخلوا بشاء منها، والخطاب للمسلمين." تفسير أبي السعود (١/ ٢١٢).
(٤) سورة: النساء، الآية: ١٣٦.
(٥) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (١/ ٢٧٩).
(٦) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٩ / ب).
قال الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب " (٥/ ٣٥٢) وهو يذكر أوجه الخطاب ما ملخصه: " ورابعها: -أي: رابع هذه الأوجه - هذا الخطاب واقع على المسلمين، أَيْ: دُومُوا عَلَى الْإِسْلَامِ فِيمَا تَسْتَأْنِفُونَهُ مِنَ الْعُمُرِ، وَلَا تَخْرُجُوا عَنْهُ وَلَا عَنْ شَيْءٍ مِنْ شَرَائِعِهِ، وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ.
فإن قيل: الموصوف بِالشَّيْءِ يُقَالُ لَهُ: دُمْ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لَا يُقَالُ لَهُ: ادْخُلْ فِيهِ. وَالْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ هُوَ قَوْلُهُ: ﴿ادْخُلُوا﴾.
قُلْنَا: إِنَّ الْكَائِنَ فِي الدَّارِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ خُرُوجًا عَنْهَا، فَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ يُؤْمَرَ بِدُخُولِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ حَالًا بَعْدَ حَالٍ، وَإِنْ كَانَ كَائِنًا فِيهَا فِي الْحَالِ، لِأَنَّ حَالَ كَوْنِهِ فِيهَا، غَيْرُ الْحَالَةِ الَّتِي أُمِرَ أَنْ يَدْخُلَهَا، فَإِذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي قَدْ يَخْرُجُ عَنْهَا صَحَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِدُخُولِهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ يَخْرُجُونَ عَنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ بِالنَّوْمِ وَالسَّهْوِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَحْوَالِ، فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْمُرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالدُّخُولِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فِي الْإِسْلَامِ."