والالتفاتُ إلى الغَيبة؛ للإيذانِ بأن سوءَ صنيعهم موجبٌ للإعراض عنهم، وحكايةُ جنايتهم لمن عداهم من أهل الإنصاف على طريقة المباثة.
وإيرادُ الانتظارِ؛ للإشعار بأنهم لانهماكهم فيمَا هُم فيهِ من موجبات العقوبة، كأنهم طالبون لها مترقبون لوقوعها.
﴿فِي ظُلَلٍ﴾ كقلل في جمع قُلَّة: وهي ما أظلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والظاهر عندي أن تصويب السعد (١)؛ لأن عبارة (ك) بقوله: (فإن الله) وليس هذا نظم الآية، فصوب: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ﴾ إلخ، لا أن التصويب من حيث المدخلية للعلم وعدمها، تأمل. (٢)
والالتفات في: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ﴾ من الخطاب إلى الغيبة؛ للإيذان إلخ. (٣)
(وإيراد الانتظار) المفيد للترقب - مع أنه ليس حاصلا -؛ للإشعار إلخ.
(وهي ما أظلك (٤)): " معناه: القطعة منه." (٥)
_________
(١) عبارة سعد الدين الأخير صـ (٢٤١) في هذا الجزء من التحقيق.
(٢) عبارة الإمام الزمخشري في " الكشاف " (١/ ٢٥٣): " ويجوز أن يكون المأتى به محذوفا، بمعنى أن يأتيهم اللَّه ببأسه أو بنقمته؛ للدلالة عليه بقوله: (فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ)."
فصححها الإمام السعد أثناء شرحه للنص: بأن الصواب ما ورد في نص الآية وهو: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
فرد كل من الإمامين عبد الحكيم والشهاب عليه: بأنه لا مدخلية للعلم.
ثم وضح شيخنا السقا أن قصد الإمام السعد هو تصويب نظم الآية فقط، ولم يقصد بهذا التصويب إدخال العلم أو عدم إدخاله.
فالصواب: أنه إذا لم يُرد الإمام الزمخشري ذكر ﴿فَاعْلَمُوا﴾ لعدم تعلق المعنى بالعلم، فليقل: ﴿أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ بدون فاء وبفتح الهمزة كما هو نص الآية، وليس: (فإن الله) بالفاء وكسر الهمزة؛ لأن ذلك يقتضي تغير نظم الآية.
(٣) ينظر: البحر المحيط (٢/ ٣٤٣)، الدر المصون (٢/ ٣٦٣)، التحرير والتنوير (٢/ ٢٨١).
يقول صاحب " تفسير المنار" (٢/ ٢٠٩): " وَالْحِكْمَةُ فِي الِالْتِفَاتِ: تَنَاوُلُ هَذَا الْوَعِيدِ لِجَمِيعِ مَنْ زَلَّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخَاطَبِينَ فِي الدُّخُولِ فِي السِّلْمِ وَالْمَنْهِيِّينَ عَنْ ضِدِّهِ وَمَنْ زَلَّ مِنْ غَيْرِهِمْ، أَوْ هِيَ: الْإِيذَانُ بِأَنَّ الزَّالِّينَ لَا يَسْتَحِقُّونَ شَرَفَ الْخِطَابِ الْإِلَهِيِّ." [لمحمد رشيد رضا ت: ١٣٥٤ هـ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٩٠ م].
(٤) ينظر: مدارك التنزيل (١/ ١٧٦)، فتح القدير (١/ ٢٤٢)، روح المعاني (١/ ٤٩٣)، إعراب القرآن وبيانه (١/ ٣٠٨).
(٥) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٩ / ب).


الصفحة التالية
Icon