..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال الرضي: " وإذا كان الفصل بين (كم) الخبرية ومميزها بفعل متعد، وجب الإتيان بـ (من)؛ لئلا يلتبس المميز بمفعول ذلك المتعدي نحو: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ﴾ (١)، ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ﴾ (٢)، وحال (كم) الاستفهامية المجرور مميزها مع الفصل، كحال (كم) الخبرية في جميع ما ذكرنا." (٣) أهـ
وقال الفاضل اليمني (٤): وتبعه المحقق التفتازاني (٥): " إذا فصل بين (كم) ومميزها، حسن أن يؤتى بـ (من)."
فبمطلق الفصل إتيان (من) حسن، وبالفصل بالفعل المتعدي واجب. وعبارة المصنف تحتمل الوجهين.
وما قيل: أنه أنكر الرضي زيادة (من) في مميز (كم) الاستفهامية، ونَفَى ثبوته في الاستعمال وفي كتاب من كتب النحو، ولم يبال بما وقع من تجويز الزمخشري في هذه الآية فوَهم؛ لأن الكلام إنما هو في زيادة بلا فصل، وأما مع الفصل فمعترف به كما مر (٦). " (٧)
_________
(١) سورة: الدخان، الآية: ٢٥.
(٢) سورة: القصص، الآية: ٥٨.
(٣) شرح الرضي على الكافية (٣/ ١٥٦).
(٤) الْفَاضِل الْيمنى: هو يحيى بن القاسم بن عمرو بن علي بن خالد العلويّ، عماد الدين اليماني الصنعاني، المعروف بالفاضل اليمني، وبالفاضل العلويّ، المتوفى سنة: ٧٥٠ هـ، مفسر أديب، من شافعية اليمن. من أهل صنعاء. زار دمشق وبغداد وخراسان. من تآليفه: (تحفة الاشراف فِي كشف غوامض الْكَشَّاف- خ)، (دُرَر الاصداف لحاشية الطيبى على الْكَشَّاف - خ)، (دُرَر الاصاف فِي حل عقد الْكَشَّاف - خ)، (شرح الْلبَاب للاسفرايينى) فِي النَّحْو. ينظر: البدر الطالع (٢/ ٣٤٠)، هدية العارفين (٢/ ٥٢٧).
(٥) مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (١٣٤ / أ).
(٦) ينظر: عبارته المذكورة سلفا في " شرح الرضي على الكافية " (٣/ ١٥٦).
قال الطاهر بن عاشور في " التحرير والتنوير " (٢/ ٢٩١): " وَفِي «الْكَافِيَّةِ» أَنَّ ظُهُورَ (مِنْ) فِي مُمَيَّزِ (كَمِ) الْخَبَرِيَّةِ والاستفهامية جَائِز هَكَذَا أَطْلَقَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، لَكِنَّ الرَّضِيَّ [في شرحه لها] قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى شَاهِدٍ عَلَيْهِ فِي (كَمْ) الِاسْتِفْهَامِيَّةِ إِلَّا مَعَ الْفَصْلِ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا فِي كَمِ الْخَبَرِيَّةِ فَظُهُورُ (مِنْ) مَوْجُودٌ بِكَثْرَةٍ بِدُونِ الْفَصْلِ."
(٧) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٤٠ / ب).