وكلٌّ من الشيطان، والقُوى الحيوانية، وما في الدنيا من الأمور البهيَّة والأشياءِ الشهيةِ مُزيَّنٌ بالعَرْض.
﴿وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(بالعرض) " باعتبار مدخليتها فيه." (١)
﴿وَيَسْخَرُونَ﴾: " إما جملة حال بتقدير: وهم يسخرون، أو معطوف على ﴿زُيِّنَ﴾." (٢) (ش)
وفي (ك):
" كان الكفرة يسخرون من المؤمنين الذين لا حظ لهم من الدنيا كابن مسعود (٣) وعمار وصهيب وغيرهم، أي لا يريدون غيرها.
_________
(١) المرجع السابق لوحة (٣٤١ / ب).
(٢) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٧).
وينظر: فتح القدير (١/ ٢٤٤)، روح المعاني (١/ ٤٩٥)، محاسن التأويل (٢/ ٩٤)، التحرير والتنوير (٢/ ٢٩٦).
وقال صاحب " الدر المصون " (٢/ ٣٧١): " قَوْلُهُ: ﴿وَيَسْخَرُونَ﴾ يَحْتَمِل أن يكونَ من باب عَطْفِ الجملةِ الفعلية على الجملة الفعليةِ، لا من بابِ عطفِ الفعلِ وحدَه على فعلٍ آخرَ، فيكونُ من عطف المفردات، لِعَدَمِ اتِّحادِ الزمانِ." وينظر: البحر المحيط (٢/ ٣٥٤).
ويرى الإمام الْوَاحِدِيُّ في تفسيره " البسيط " (٤/ ١٠٦) أن: " قَوْلُهُ: ﴿وَيَسْخَرُونَ﴾ مُسْتَأْنَفٌ غَيْرُ مَعْطُوفٍ عَلَى ﴿زُيِّنَ﴾."
وتبعه الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب (٦/ ٣٦٩).
وتبعهما كل من الإمام أبي حيان في " البحر المحيط " (٢/ ٣٥٤)، والإمام السمين الحلبي في " الدر المصون " (٢/ ٣٧١)، ومحي الدين درويش في " إعراب القرآن وبيانه " (١/ ٣١١) في أحد قولين لهم.
حيث قال الإمام أبو حيان: " وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ أَيِ: الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ، وَمَعْنَى الِاسْتِئْنَافِ أَنْ يَكُونَ عَلَى إِضْمَارِهِمُ التَّقْدِيرَ: وَهُمْ يَسْخَرُونَ، فَيَكُونُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَيَصِيرُ مِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ."
(٣) ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن، المتوفي: ٣٢ هـ، صحابي. من أكابرهم فضلا وعقلا، وقربا من رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، وكان من السابقين إلى الإسلام، وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة. وكان خادم رسول الله الأمين، وصاحب سره، ورفيقه في حله وترحاله وغزواته، يدخل عليه كل وقت ويمشي معه. نظر إليه عمر يوما وقال: وعاء ملئ علما. وولي بعد وفاة النبي - ﷺ - بيت مال الكوفة. ثم قدم المدينة في خلافة عثمان، فتوفي فيها عن نحو ستين عاما. له ٨٤٨ حديثا. ينظر: الاستيعاب (٣/ ٩٨٧)، أسد الغابة (٣/ ٣٨١)، الإصابة (٤/ ١٩٨).