..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال بعضهم: آية الزكاة نسخت كل صدقة كانت قبلها.
ومحصل الجواب: أن النسخ مبني على تنافي النصين، وعدم إمكان العمل بهما، ولا منافاة؛ لاحتمال أن يراد بهذه: الحمل على بر الوالدين، وصلة الأرحام، وقضاء حاجة ذوي الحاجات على سبيل التطوع، وأن يكون تخصيص من ذكر من المحتاجين بالذكر على سبيل المثال لا الحصر، ولا ينافيه إيجاب الزكاة، وحصر مصارفها في الثمانية، أو السبعة بناء على إسقاط حق المؤلفة، بناء على انتهاء الحكم بانتهاء علته (١)،
فعلى هذا يكون كل من الآيتين (٢) محكما غير منسوخ." (٣) أهـ " وفيه شاء كما يَعلَم مَن بَحث." (٤) (ع)
_________
(١) المؤلفة قلوبهم: هُمُ الَّذِينَ يُرَادُ تَأْلِيفُ قُلُوبِهِمْ بِالاِسْتِمَالَةِ إِلَى الإْسْلامِ، أَوْ تَقْرِيرًا لَهُمْ عَلَى الإْسْلامِ، أَوْ كَفُّ شَرِّهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ نَصْرُهُمْ عَلَى عَدُوٍّ لَهُمْ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
ينظر: رد المحتار على الدر المختار (٢/ ٣٤٢) [لابن عابدين الدمشقي ت: ١٢٥٢ هـ، دار الفكر-بيروت، ط: الثانية، ١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م]، قواعد الفقه (١/ ٤٥٩) [لمحمد عميم الإحسان البركتي، دار الصدف ببلشرز - كراتشي، ط: الأولى، ١٤٠٧ - ١٩٨٦]، الموسوعة الفقهية الكويتية (٣٦/ ١٢).
واخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سَهْمِ الزَّكَاةِ الْمُخَصَّصِ لهم:
فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّ سَهْمَهُمْ بَاقٍ.
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ سَهْمَهُمْ مُنْقَطِعٌ؛ لِعِزِّ الإْسْلامِ، لَكِنْ إِذَا احْتِيحَ إِلَى تَأَلُّفِهِمْ أُعْطُوا.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: بِسُقُوطِ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ.... ينظر: المغني (٦/ ٤٧٥) [لابن قدامة المقدسي ت: ٦٢٠ هـ، مكتبة القاهرة، ١٣٨٨ هـ - ١٩٦٨ م]، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (١/ ٤٩٥) [لمحمد بن عرفة الدسوقي ت: ١٢٣٠ هـ، دار الفكر]، الموسوعة الفقهية الكويتية (٣٦/ ١٦).
(٢) يقصد بالآيتين: هذه الآية محل البحث، وآية: ﴿وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ [البقرة: ٢١٩]، فقد ذكر العلماء فيها نفس ما في هذه الآية من احتمال وجود نسخ وعدمه.
(٣) حاشية زادة على البيضاوي (٢/ ٥١٥).
ملخص ما ذكره العلماء في هذه الآية - من كونها منسوخة أم لا - ذكره الإمام ابن العربي في " أحكام القرآن" (١/ ٢٠٤) حيث قال: فِيهَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الزَّكَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِهَا؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ كَانَتْ مَوْضُوعَةً أَوَّلًا فِي الْأَقْرَبِينَ، ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ مَصْرِفَهَا فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ. [ينظر: الناسخ والمنسوخ، للمقري (١/ ٤٦)، الكشف والبيان (٢/ ١٣٦)، الناسخ والمنسوخ (١/ ٢٨) [لابن حزم الأندلسي ت: ٤٥٦ هـ، تحقيق: د. عبد الغفار سليمان، دار الكتب العلمية - بيروت، ط: الأولى، ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م]، معالم التنزيل (١/ ٢٧٣)، قلائد المرجان (١/ ٦٧).]
الثَّانِي: أَنَّهَا مُبَيِّنَةٌ مَصَارِفَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّسْخَ دَعْوَى، وَشُرُوطُهُ مَعْدُومَةٌ هُنَا، وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فِي الْأَقْرَبِينَ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِمْ." [أحكام القرآن، لأبي بكر بن العربي ت: ٥٤٣ هـ، علَّق عليه: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط: الثالثة، ١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م]. وينظر: أحكام القرآن، للجصاص (١/ ٣٩٩)، المحرر الوجيز (١/ ٢٨٨)، نواسخ القرآن، لابن الجوزي (١/ ٢٦٤).
(٤) عبارة الإمام عبد الحكيم: " وفيه بحث."ينظر: مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٤٥ /أ).