وتنكيرُه؛ لما أن سؤالهم كان عن مُطلق القتال الواقعِ في الشهر الحرام، لا عن القتال المعهودِ؛ ولذلك لم يقل: يسألونك عن القتال في الشهر الحرام.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على أن وجوب التوصيف إنما هو في بدل الكل." نص عليه الرضي (١)." (٢) (ع)
(عن مطلق القتال): " أشار به إلى: أن السؤال عن جنس القتال في الشهر الحرام، وكذا الجواب، لا كما قيل: أن السؤال عن فرد معين أقدم (٣) عبد الله بن جحش، والجواب عن قتال آخر يكون القصد فيه هدم الإسلام وتقوية الكفر، بناء على أن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى (٤)، وذلك؛ لأن ذلك (٥) ليس بضربة لازب (٦)، وأن المصدر وإن كان نكرة فأكثر ما يقصد به الجنس، كيف وقد وصف بقوله تعالى: ﴿فِيهِ﴾، وعندهم أن النكرة تعم بعموم الوصف، ومن هنا جاز إبداله من المعرفة، وجعله مبتدأ، خبره: ﴿كَبِيرٌ﴾ (٧). " (٨) سعد
_________
(١) شرح الرضي على الكافية (٢/ ٣٨٤) وما بعدها.
(٢) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٤٦ / أ).
(٣) في مخطوط السعد بزيادة: " عليه "، وهو المناسب للمعنى.
(٤) سيأتي تفصيل تلك المسألة فيما بعد.
(٥) " ذلك " الأولى إشارة إلى قوله: " أشار به إلى... لا كما قيل...."، وأما " ذلك " الأخرى فإشارة إلى قوله: " بناء على...."
(٦) ضَرْبَة لازب: يضْرب مثلا فى الشاء الْوَاجِب اللَّازِم. والعَرَب تَقول: لَيْسَ هَذَا بضَرْبةِ لازِم ولازِب، يُبدِلون الباءَ ميماً؛ لتقارب المخارج. ينظر: تهذيب اللغة - باب الزاي واللام (١٣/ ١٤٧)، الزاهر في معاني كلمات الناس (١/ ٤٩٧)، ثمار القلوب في المضاف والنسوب (١/ ٦٨١) [لأبي منصور الثعالبي ت: ٤٢٩ هـ، دار المعارف - القاهرة].
(٧) ينظر: إعراب القرآن للنحاس (١/ ١١٠)، التبيان في إعراب القرآن (١/ ١٧٤)، إعراب القرآن وبيانه (١/ ٣٢٢).
وقعت كلمة: ﴿قِتَالٍ فِيهِ﴾ مرتين في هذه الآية، الأولى بدل اشتمال من ﴿الشَّهْرِ﴾، والثانية مبتدأ خبره: ﴿كَبِيرٌ﴾، وكلمة قتال: نكرة، لكنها موصوفة بكلمة: فيه، ويجوز في البدل إبدال نكرة من معرفة والعكس.
ينظر: شرح شذور الذهب لابن هشام (١/ ٥٧٥)، شرح قطر الندى (١/ ٣٠٩).
لكن لكي تقع النكرة مبتدأ لابد لها من مسوغ، ومن هذه المسوغات مجاء النكرة موصوفة، كما جاء في هذا الموضع. ينظر: توضيح المقاصد (١/ ٤٨١)، مغني اللبيب (١/ ٦٠٩).
(٨) مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (١٣٥ / ب - ١٣٦ / أ).


الصفحة التالية
Icon