ثانيا: موقفه من التفسير بالرأي الجائز:
نجد أن الشيخ السقا قد اهتم اهتماما بالغا بالجوانب اللغوية والنحوية والبلاغية في الحاشية، لاسيما وهي أساس تفسير الإمام أبي السعود، ولم يغفل جانب السيرة النبوية، وقد يتوسع في الجوانب الفقهية في الآيات المشتملة على الأحكام، وقد توسط في الحديث عن جانب العقيدة في الآيات التي تضمنت الحديث عنها، وفيما يلي أمثلة لذلك:
١ - الأمثلة اللغوية:
* أحيانا يختصر، نحو: " المناسك: جمع منسك، وهو: النسك أي: العبادة." (١)
* وأحيانا يتوسط، نحو: " السعي: سير سريع بالأقدام، ومنه السعي بين الصفا والمروة، وقد يستعار للجد في العمل والكسب، ومنه سعاية المكاتب، ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ (٢)، وقول امرئ القيس (٣): وَلَوْ أنّ ما أسعَى لأدْنى مَعِيشَةٍ (٤)
_________
(١) صـ (١١٠) من هذا البحث.
(٢) سورة: النجم، الآية: ٣٩.
(٣) امرؤ القيس: هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي، المتوفي: ٨٠ ق هـ، أشهر شعراء العرب على الإطلاق، من أهل نجد. كان أبوه ملكا على بنى أسد، وقد طرده، حتى إذا عرف بمقتل أبيه قال: ضيعنى صغيرا وحملنى دمه كبيرا. وأمه فاطمة بنت ربيعة بن الحارث، أخت كليب ومهلهل ابني ربيعة التغلبيين. ويلقب بـ: " الملك الضليل " و" ذي القروح ". وهو من شعراء الطبقة الأولى من فحول الجاهلية.... ينظر: الشعر واشعراء (١/ ١٠٧) [لعبد الله بن مسلم بن قتيبة ت: ٢٧٦ هـ، دار الحديث، القاهرة، ط: ١٤٢٣ هـ]، رجال المعلقات العشر (١/ ١٤) [لمصطفى الغلايينى ت: ١٣٦٤ هـ].
(٤) هذا صدر بيت وتمامه:
وَلَوْ أنّ ما أسعَى لأدْنى مَعِيشَةٍ | كَفاني، وَلمْ أطْلُبْ، قَلِيلٌ مِنَ المَالِ |
وَلَكِنّمَا أسْعَى لِمَجْدٍ مُؤثَّلٍ | وَقد يُدرِكُ المَجدَ المُؤثّلَ أمثَالي |
من الطويل، وهذه الأبيات من قصيدة يتغزل فيها ويصف مغامراته وصيده وسعيه إلى المجد.
والبيت فيه تقديم وتأخير، والتقدير: كفاني قليل من المال، ولم أطلب، فقوله: «ولم أطلب» وارد على جهة الاعتراض بين الفعل وفاعله، وإنما أورده؛ تعريفا بتحقير أمر المعيشة وإعراضا عنها وأنه يأتى بأسهل أمر، وإنما الذى يحتاج إلى العناية هو طلب الملك والمجد المؤثّل، والمؤثل: الموروث. ينظر: المثل السائر (٢/ ١٧٥) [لضياء الدين بن الأثير، ت: ٦٣٧ هـ، تحقيق: أحمد الحوفي، دار نهضة مصر للطباعة-القاهرة]، الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز (٢/ ٩١) [ليحيى بن حمزة الحسيني ت: ٧٤٥ هـ، المكتبة العنصرية - بيروت، ط: الأولى].