..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فالأولى هو التفسير المأثور (١)؛ ولذا قدمه (٢)، إلا أن فيه خفاء من جهة النظم، فإنه معطوف على جواب (إذا)، وعليه يصير التقدير: فإذا أفضتم من عرفات فأفيضوا من عرفات، ولا يخلو من نظر، فهو محتاج إلى التأويل (٣). " (٤) أهـ
_________
(١) التفسير بالماثور: كلمة (مأثور) فى اللغة- مأخوذة من الأَثَر، والأثر يطلق على أمرين: على بقية الشيء، وعلى الخَبَر، أى الكلام المُخبر به عن شخص آخر. ينظر: لسان العرب، حرف الراء (٤/ ٥)، تاج العروس، مادة أثر (١٠/ ١٢).
والتفسير في اصطلاح المفسرين: هو ما جاء فى القرآن الكريم نفسه من آيات تبين آيات أخرى، وما ورد عن رسول الله - ﷺ - وصحابته الكرام والتابعين بيانا لمراد الله تعالى من كتابه. ويتحتم الأخذ بالتفسير المأثور وتقديمه على التفسير بالرأى [بالاجتهاد]: فيجب أن نبحث فى القرآن أولا عن المعنى الذى نريده؛ لأن صاحب الكلام أدرى بمقصوده من غيره، ولأن الشرع أمر باتباع ما جاء عن الله- تعالى- ونهى عن التقديم بين يديه- عز وجل، فإن لم يجد المفسر بيانا لمعنى الآية فى القرآن، لجأ إلى السنة؛ لقيام الأدلة المتعددة على حجية السنة، ولأن وظيفة الرسول - ﷺ - هى تبيين القرآن، فإن لم يجد المفسر بيانا نبويا ذهب إلى أقوال الصحابة؛ فإنهم شاهدوا الوحى والتنزيل، ورأوا التفسير العملى للقرآن متجسدا فى أقوال الرسول - ﷺ -، وأفعاله، فإن لم يجد المفسر بغيته فى أقوال الصحابة انتقل إلى أقوال التابعين، الذين تتلمذوا على أيدى الصحابة، على خلاف بين العلماء فى مدى حجية أقوالهم.
فإن فقد المفسر مطلوبه فى هذه المصادر الأربعة انتقل إلى التفسير بالرأى المحمود [الذي تتوفر فيه الشروط المطلوبة]. ينظر: مناهل العرفان في علوم القرآن (٢/ ١٢) [لمحمد عبد العظيم الزُّرْقاني ت: ١٣٦٧ هـ، مطبعة عيسى البابي الحلبي، ط: الثالثة]، الموسوعة القرآنية المتخصصة (١/ ٢٥٣) [لمجموعة من الأساتذة والعلماء المتخصصين، الناشر: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر، ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م].
(٢) أي القاضي البيضاوي في تفسيره.
(٣) التأويل: لغة: مأخوذ من الأَوْل أي الرجوع، وعليه يكون معناه اللغوي: إرجاع الكلام إلى ما يحتمله من معان. أو من الإيالة وهي السياسة، وعليه يكون معناه اللغوي: سياسة الكلام ووضعه موضعه المناسب. ينظر: لسان العرب، حرف اللام (١١/ ٣٢)، تاج العروس، مادة أول (٢٨/ ٣٢).
اصطلاحا: عند السلف المتقدمين: التأويل عندهم مرادف للتفسير، وبهذا المعنى استعمله الإمام الطبري في تفسيره فكان يقول: (القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا).
أما عند الخلف والعلماء المتأخرين: فهو صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله بما لا يخالف نصا من كتاب الله سبحانه ولا سنّة رسول الله - ﷺ -. ينظر: معجم علوم القرآن (١/ ٧٧) [لإبراهيم محمد الجرمي، دار القلم - دمشق، ط: الأولى، ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م]، الموسوعة القرآنية المتخصصة (١/ ٢٤٣).
(٤) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩١ - ٢٩٢) [الْمُسَمَّاة: عِنَايةُ القَاضِى وكِفَايةُ الرَّاضِى عَلَى تفْسيرِ البَيضَاوي، لشهاب الدين الخفاجي المصري ت: ١٠٦٩ هـ، دار صادر - بيروت].