دخلت سنة أربع وثمانين وثلاث مئة، فيها عظم الخطب بأمر العيَّارين، عاثوا ببغداد فساداً، وأخذوا الأموال والعملات الثقال ليلاً ونهاراً، وحرقوا مواضع كثيرة، وأخذوا من الأسواق الجبايات، وتطلَّبتهم الشرط، فلم يفد ذلك شيئاً، ولا فكروا في الدولة، بل استمروا على ما هم عليه.. (١).
ولم يقتصر سوء الحال في تلك المدة على اختلال الأمن وإنَّما تعداه إلى نواحي المعيشة، فأثَّرت تلك الأوضاع السيئة في الناس من الناحية الاقتصادية والمعيشية، وصاحب تلك الحوادث غلاء شديد في المعيشة.
فقد اشتد الغلاء بخراسان جميعها، وعدم القوت، فكان الإنسان يصيح: الخبز، الخبز، ويموت (٢).
ويقول ابن كثير عن سنة (٣٧٣ هـ): فيها غلت الأسعار ببغداد ومات كثير من الناس جوعاً، وجافت الطرقات من الموتى من الجوع (٣).
وذكر الجوع أيضاً في سنة (٣٨٢ هـ)، وسنة (٣٩٣ هـ) (٤).
وهكذا كانت الحالة الاجتماعية فى هذِه الحقبة، اختل الأمن، وذهب الاستقرار والاطمئنان، وعمت الفوضى، وانتشر اللصوص

(١) "البداية والنهاية" ١١/ ٣٧٨.
(٢) "الكامل" لابن الأثير ٧/ ٣٣٤.
(٣) "البداية والنهاية" ١١/ ٣٦٤.
(٤) المصدر السابق ١١/ ٣٧٦، ١١/ ٤٠٤.


الصفحة التالية
Icon