وغير هؤلاء (١).
وبعد:
فنخلُص مما سبق إلى أن العصر الذي عاش فيه الثعلبي، كان عصر ازدهار علمي، وتفوّق ثقافي، والموطن الذي كان يقطن فيه الثعلبي، كان مجمعاً للعلماء وطلاب العلم، حيث كانت الدروس والحلقات العلمية تترى في مساجد نيسابور، وكانت المدارس التي أنشئت في ذلك الوقت، تقوم بدور عظيم في تنشيط الحركة العلمية، من خلال الدروس التي كانت تعقد فيها، حتى أضحت نيسابور من أكبر وأهم مراكز العلم في العالم الإسلامي، إلى حد أنها أصبحت تضاهي بغداد حاضرة العلم والعلماء.
ولقد كان لهذا الازدهار الثقافي، والثراء العلمي، أثره الكبير على الإمام الثعلبي.
فالثعلبي وجد نفسه في نيسابور بين العلم وطلابه، فأخذ ينهل من هذا المعين المتدفق، فتنوعت معارفه، وتعدد مشايخه، وكثرت مسموعاته.
وهذا واضح من قوله في مقدمة تفسيره: فاستخرتُ الله تعالى في تصنيف كتاب شامل مهذَّب، كامل ملخَّص مفهوم منظوم، مستخرج من زهاء مئة كتاب مجموعات مسموعات، سوى ما التقطتُه من التعليقات،

= "شذرات الذهب" ٣/ ٣٦٤.
(١) "الثعلبي ودراسة كتابه" ١/ ٢٥.


الصفحة التالية
Icon