المبحث الرابع شيوخه وتلاميذه
* المطلب الأول: شيوخه:
عرفنا فيما سبق أنَّ الثعلبي رحمه الله قد عاش في عصر ازدهار علمي، ونهضه علمية، وأنَّ موطنه نيسابور كانت رياضًا غنَّاء، بدروس العلم والعلماء، إذ كانت تمتلئ بأساطين المعرفة، وأفذاذ العلماء، وكانت بحق معدن الفضلاء، ومنبع العلماء.
فالثعلبي رحمه الله نشأ وترعرع في بيئة العلم والعلماء، حتى إنَّ بيته الذي يعيش في كنفه كانت تعقد فيه دروس العلم، ويقصده العلماء وطلاب العلم.
وعرفنا أيضًا أنَّ الثعلبي بجده واجتهاده، ومثابرته العجيبة استثمر هذا الجو العلمي المزدهر، استثمارًا ناجحًا، أثمر شخصيةً علمية قويةً متكاملة.
إلا أنَّ من أعظم وجوه هذا الاستثمار: مواظبة الثعلبي علي دروس العلم، وتردُّده علي مجالس العلماء، وتنقّله بين تلك الرياض، وجلوسه بين أيدي أولئك الأفذاذ، وطوافه على شوامخ أعلام الأمة في عصره، يتبع معين العلم، ويُلقي الدِّلاء في بحار العلماء، ويتضلَّع من محصّلات جهابذة العلماء، في مختلف فروع العلم: من تفسير وقراءات وحديث وفقه ولغة وأدب وغير ذلك. كلُّ ذلك في جلَد عجيب، وهمَّةٍ عالية،


الصفحة التالية
Icon