﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ قال عطاء: ودوا لو تسوى بهم الأرض، وأنهم لم يكونوا كتموا أمر محمد - ﷺ - ولا نعته (١).
وقال آخرون: بل هو كلام مستأنف، يعني: ولا يكتمون الله حديثًا؛ لأن ما عملوا لا يخفى على الله، ولا يقدرون على كتمانه (٢).
الكلبي، وجماعة: ولا يكتمون الله حديثًا؛ لأن جوارحهم تشهد عليهم (٣).
سعيد بن جبير: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: أشياء تختلف
علي في القرآن، قال: أهو شك فيه؟ قال: لا، ولكنه اختلاف.
فهات ما اختلف عليك من ذلك. فقال: أسمع الله عز وجل يقول: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)﴾ (٤)، وقال: ﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ فقد كتموا. فقال ابن عباس: أما قولهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ فإنهم لما رأوا يوم القيامة أن الله يغفر لأهل الإِسلام، ولا يغفر شركًا، قالوا: تعالوا فلنجحد، فجحد المشركون فقالوا: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ رجاء أن يغفر لهم، فيختم على أفواههم

(١) ذكره البَغَوِيّ في "معالم التنزيل" ٢/ ٢١٨ عنه، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٢/ ٨٧.
(٢) ذكر ذلك الفراء في "معاني القرآن" ٢/ ٢٦٩، والزجاج في "معاني القرآن" ٢/ ٥٤، والطبري في "جامع البيان" ٥/ ٩٥، ولم يذكر الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٥٦ غيره.
(٣) ذكره البَغَوِيّ في "معالم التنزيل" ٢/ ٢١٨ عنهم.
وهو مروي عن ابن عباس. انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي ٢/ ٨٧.
(٤) الأنعام: ٢٣.


الصفحة التالية
Icon