على قتله أن يعتق، فلم يوف له بذلك، فلما قدم مكة ندم على صنيعه، هو وأصحابه، فكتبوا إلى رسول الله - ﷺ - أنا قد ندمنا على الذي صنعنا، وإنه ليس يمنعنا عن الإسلام إلا أنا سمعناك تقول، وأنت بمكة: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ (١) وقد دعونا مع الله إلها آخر، وقتلنا النفس التي حرم الله، وزنينا، فلولا هذه الآية لاتبعناك، فنزلت: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ الآيتين (٢)، فبعث بهما رسول الله - ﷺ - إلى وحشي، وأصحابه، فلما قرؤوها كتبوا إليه: إن هذا شرط شديد، نخاف أن لا نعمل عملًا صالحًا؛ فلا نكون من أهل هذه الآية، فنزلت: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ فبعث بها إليهم، فقرؤوها، فبعثوا إليه: إنا نخاف أن لا نكون من أهل مشيئته، فنزل: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ (٣)، فبعث بها إليهم، فلما قرءوها دخل هو وأصحابه في الإسلام، ورجعوا إلى رسول الله - ﷺ - فقبل منهم (٤)، ثم قال - ﷺ - لوحشي: "أخبرني كيف قتلت حمزة؟ " فلما أخبره، قال: "ويحك! غيب وجهك عني"، فلحق وحشي بعد ذلك بالشام، فكان بها إلى أن مات (٥).
(٢) الفرقان: ٧٥ - ٧١.
(٣) الزمر: ٥٣.
(٤) أورد هذه القصة: السمرقندي في "بحر العلوم" ١/ ٣٧٦، وهي من رواية الكلبي.
(٥) لقاء النبي - ﷺ - وحشيًّا، وأمره إياه أن يغيب وجهه عنه، فقد أخرج ذلك البخاري في =