وقد مضت القصة (١).
وقوله تعالى: ﴿فَلَا﴾ يعني: ليس الأمر كما يزعمون: أنهم مؤمنون، ثم لا يرضون بحكمك، ويصدون عنك، ثم استأنف القسم، فقال ﴿وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ ويجوز أن تكون ﴿لَا﴾ صلة، كقوله: ﴿لَا أُقْسِمُ﴾، ﴿حَتَّى يُحَكِّمُوكَ﴾ أي: يجعلونك حكمًا ﴿فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ أي: اختلف، واختلط من أمورهم، والتبس عليهم حكمه، ومنه: الشجر؛ لاختلاف أغصانه، ويقال لعصيّ الهودج: شجار؛ لتداخل بعضها في بعض (٢)، قال الشاعر:

نفسي فداؤك، والرماح شواجر والقوم في ضنك اللقاء قيامُ (٣)
﴿ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا﴾ أي: ضيقًا، وشكًا ﴿مِمَّا قَضَيْتَ﴾ ومنه قيل للشجر الملتف، الذي لا يكاد يوصل إليه: حرج، وحرجة، جمعه: حراج (٤).
وقال الضحاك: إثمًا (٥)، يأثمون بإنكارهم ما قضيت، ﴿وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ أي: يخضعوا، وينقادوا لأمرك انقيادًا.
(١) أخرج قوليهما الطبري في "جامع البيان" ٥/ ١٥٩.
(٢) انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٤/ ٣٩٤ (شجر).
(٣) البيت ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ٢٦٦.
وأحراج، وحرجات.
(٤) انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٢/ ٢٣٤ (حرج).
(٥) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" ٢/ ٢٤٦.


الصفحة التالية
Icon