قد نفاه، ولا نافيًا لما قد أثبته، لأن ذلك لا يجوز على الحكيم -عز وجل-، ولكن بيَّن السبب الذي أستحق به هذه المصيبة، وكان ذلك من كسبه، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ (١) فجعل هذه المصيبة جزاء للفعل، وإذا أوقع الجزاء لم يوقعه إلا على ما نسبه إلى العباد كقوله: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾، وقوله: ﴿وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ ليس فيه دليل على أنه لا يريد السيئة، ولا فعلها، ولكن ما كان جزاء نسبه إلى العبد على طريق الجزاء.
﴿وَأَرْسَلْنَاكَ﴾ يا محمد ﴿لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ على أنك رسول صاق، وقيل: معناه: وكفى بالله شهيدًا على أن الحسنة والسيئة كلها من الله.

(١) الشورى: ٣٠.


الصفحة التالية
Icon