وقال أبو عبيدة: العرب تستثني شيئاً (١) من الشيء، وليس منه على اختصار وضمير، أي: ليس لمؤمن أن يقتل مؤمناً على حال، إلا أن يقتله مخطئاً، فإن قتله مخطئاً فعليه كذا وكذا، ومثله قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ (٢)، واللمم: ليس من الكبائر ومعناه (٣): إلا أن يلم بالفواحش، والكبائر، أي: يقرب منها.
ومثله قول جرير:

من البيض لم تظعن بعيدا ولم تطأ على الأرض إلا ذيل برد مرجَّلِ (٤)
فكأنه قال: لم تطأ على الأرض إلا أن تطأ ذيل البرد، وليس هو من الأرض.
وقال أبو خراش الهذلي:
أمست سقام خلاء لا أنيس بها إلا الثمام ومر الريح بالغرفِ (٥)
وكان أبو عمرو الهذلي يرفع ذلك، ومثله قول الشاعر:
(١) في (م): الشيء، وكذا هو في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ١٣٦.
(٢) النجم: ٣٢.
(٣) ساقطة من (ت).
(٤) "ديوانه" (ص ٤٥٧). وانظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ١٣٧، "نقائض جرير والفرزدق" ٢/ ١١٦، وفيها: إلا نير مرط مرحل، وقوله: مرجل، بالجيم خطأ، والصواب بالحاء، وهو البرد الموشى أي: المعلم.
(٥) البيت في "ديوان الهذليين" ٢/ ١٥٦، "لسان العرب" لابن منظور (غرف)، وفيه: إلا السباع.


الصفحة التالية
Icon