فإن قالوا: إن الله -عز وجل- لما قال: ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ﴾، دل على كفره؛ لأن الله تعالى لا يغضب إلا على من كان كافراً، أو خارجاً من الإيمان، قلنا: إن هذه الآية لا توجب عليه الغضب، لأن معناها: فجزاؤه جهنم، وجزاؤه أن يغضب (١) عليه، ويلعنه، وما ذكره الله (من شيء) (٢) وجعله جزاء لشيء، فليس يكون ذلك واجباً، كقوله: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ (٣)، وكم من محارب لله ورسوله لم يحل به شيء من هذه المعاني إلى أن فارق الدنيا، وقال سبحانه: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ (٤) ولم يقل: أجزي بكل سيئة سيئة مثلها، ولو كان المعنيان في ذلك سواء، لم يكن إذاً لقوله: ﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ (٥) معنى، فكذلك هاهنا، ولو كان كذلك على معنى الوجوب، كان كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ﴾ (٦)، ووجدنا في لغة العرب أنه (٧) إذا قال القائل: جزاؤه كذا، ثم لم يجازه لم يكن كاذباً، وإذا قال: أجزيه (٨)، ولم يفعل كان كاذباً، فعلم أن بينهما

(١) بعدها في (ت): الله.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ت).
(٣) المائدة: ٣٣.
(٤) الشورى: ٤٥.
(٥) الشورى: ٣٠.
(٦) الأنبياء: ٢٩.
(٧) ساقطة من (ت).
(٨) بعدها في (ت): كذا.


الصفحة التالية
Icon