وقال صاحب "النظم" (١): قوله ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ تمام الكلام هاهنا، ثم افتتح قصة (صلاة الخوف) (٢) بغير واو العطف، فقال: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يريد: وإن خفتم، وهو حرف شرط، وفي القرآن مثل هذا كثير، أن يجيء الخبر بتمامه وانقطاعه، ثم ينسق عليه خبر آخر، منفصلًا منه في الباطن، وهو في الظاهر كالمتصل به، كقوله: ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ (٣) هذه حكاية (٤) عن امرأة العزيز، ثم وصل بها حكاية (٥) أخرى عن يوسف، وهو قوله: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ (٦)، لأن بعد الاعتراف بالذنب لا معنى لقوله ﴿لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾، وفي التفسير: أن يوسف لما قال هذه المقالة، قال له جبريل: ولا حين هممت حينئذ، قال يوسف: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي﴾ (٧).
(٢) من (م)، (ت)، وفي الأصل بياض.
(٣) يوسف: ٥١.
(٤) في (ت): إخبار وهو أولى من لفظ الحكاية.
(٥) في (ت): خبرًا.
(٦) يوسف: ٥٢.
(٧) يوسف: ٥٣، أخرجه الحارث في "مسنده" كما في "بغية الباحث" ٢/ ٧٢٥ (٧١٦)، وفي سنده خصيف بن عبد الرحمن، سيئ الحفظ كما في "تقريب التهذيب" لابن حجر (١٧١٨).