عباس: (إن يدعون من دونه إلا أُثُنا) جمع الوثن، فتصير الواو همزة كقوله ﴿أُقّتتَ﴾، وقتت، وأصله وثن، وقرئت: (أنثا) (١) على جمع الإناث، مثل: مثال ومُثُل، وثمار وثمر (٢).
وقال الحسن، وقتادة، وأبو عبيدة: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ يعني: مواتًا لا روح فيها، خشبة وحجرًا (٣) مدرًا، ونحوها، وذلك أن الموات كلها يخبر عنها كما يخبر عن المؤنث، تقول من ذلك: الأحجار تعجبني (٤)، هوَإِن يَذعُوتَ أي: ما يعبدون، ﴿إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾، المريد: المارد، فعيل، بمعنى فاعل، نحو قدير، وقادر، وهو: الشديد العاتي، الخارج من الطاعة (٥)، يقال: مرد الرجل، يمرد، مرودًا، ومرادة: إذا عتا، وخرج من الطاعة، وأصل المريد من قول العرب: حائط ممرد، أي: مملس، ويقال شجرة مرداء، إذا تناثر ورقها، ولذلك سمي من لم تنبت لحيته: أمرد، أي: أملس موضع اللحية (٦)، فالمريد: الخارج من الطاعة، المتملس منها.

(١) وهما قراءتان شاذتان.
انظر: "المحستب" لابن جني ١/ ١٩٨.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٨٩.
(٣) وهو قول ابن عباس أيضًا.
انظر: "جامع البيان" للطبري ٥/ ٢٧٩، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ١٠٦٧، وعبد بن حميد، وابن المنذر، كما في "الدر المنثور" ٢/ ٣٩٤.
(٤) هذه مقالة الزجاج في "معاني القرآن" ٢/ ١١٠.
(٥) انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصبهاني (مرد).
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ١٠٨، فقد نقل منه المصنف البحث في مرد.


الصفحة التالية
Icon