يفتيكم فيهن، وما يتلى عليكم في الكتاب يفتيكم فيهن أيضًا، ويجوز أن يكون في موضع الخفض، فيكون معناه: قل الله يفتيكم فيهن، وفيما يتلى عليكم، وهو بعيد؛ لأن الظاهر لا يعطف على المضمر ووجه الرفع أبين، لأن ما يتلى في الكتاب هو الذي يبين ما سألوه عنه، فالمعنى: قل الله يفتيكم فيهن، وكتابه يفتيكم فيهن (١)، وهو قوله: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ﴾ الآية (٢).
وقوله: ﴿فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ﴾ أي: لا تعطونهن، ﴿مَا كُتِبَ لَهُنَّ﴾ يعني: فرض لهن من الميراث، ﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ أي: وترغبون عن نكاحهن، لدمامتهن، وقيل معناه: وترغبون في نكاحهن لما لهن (٣)، ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ﴾ يعني: الصغار من الصبيان، وهو في موضع الخفض، المعنى: قل الله يفتيكم فيهن، وفي المستضعفين، ﴿وَأَنْ تَقُومُوا﴾ أي: ويفتيكم في أن تقوموا، ﴿لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ﴾ أي: بالعدل، ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا﴾

(١) من قوله: وموضع (ما) رفع إلى هنا، عبارة الزجاج في "معانيه" ٢/ ١١٤، وما استبعده المصنف، تبعا للزجاج أجازه الفراء في "معانيه" ١/ ٢٩٠، وقد سبق بحث مسألة عطف الظاهر على المضمر عند قوله تعالى: ﴿والأرحام﴾ في أول السورة.
(٢) هذا الذي تلي عليهم في اليتامى، والذي تلي عليهم في التزويج هو قوله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾.
(٣) هذا قول ابن عباس، في رواية، وقول عبيدة، والأول قول عائشة، والحسن، وقتادة.
انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي ٢/ ٢١٦.


الصفحة التالية
Icon