منك، فردته، وقالت: أنا صاحبة دهن الملك وثيابه، وقد صدقت محمدًا رسول الله وآمنت، وحاجتي إليك أن تقرئيه مني السلام، قالت: نعم. وقد أمر (١) الملك نساءه أن يبعثن إليك بما عندهن من عود، وعنبر، وكان رسول الله - ﷺ - يراه عليها وعندها فلا ينكر.
قالت أم حبيبة: فخرجنا في سفينتين، وبعث النَّجاشيّ معنا الملاحين، حتَّى قدمنا الجار (٢)، ثم ركبنا الظهر إلى المدينة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخيبر، فخرج من خرج إليه، وأقمت بالمدينة، حتَّى قدم رسول الله - ﷺ - فدخلت عليه، فكان يسألني عن النَّجاشيّ، فقرأت عليه من أبرهة السلام، فرد رسول الله - ﷺ -، وقال رسول الله: "لا أدري أنا بفتح خيبر أسر، أم بقدوم جعفر؟ " وأنزل الله عز وجل ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ﴾ يعني: أَبا سفيان، ﴿مَوَدَّةً﴾ (٣) يعني: تزويج أم حبيبة، ولما جاء أَبا سفيان تزويج أم حبيبة قال: ذاك الفحل لا يُقدع أنفه (٤)، وبعث النَّجاشيّ رحمه الله بعد قدوم جعفر إلى رسول الله - ﷺ - ابنه أرها بن أصحمة بن أبحر،
(٢) الجار: مدينة على ساحل البحر الأحمر، بينها وبين المدينة يوم وليلة، ترفأ إليها السفن القادمة من الحبشة.
انظر: "معجم البلدان" لياقوت ٢/ ٩٢.
(٣) الممتحنة: ٧.
(٤) انظر: "الطبقات" لابن سعد ٨/ ٩٩، "المستدرك" للحاكم ٤/ ٢٢ - ٢٣، "سير أعلام النبلاء" للذهبي ٢/ ٢٢٢.