التكثير، مرة بعد مرة، كقوله -عز وجل-: ﴿وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ (١).
وقرأ الباقون بالتخفيف، لقوله ﴿أَنْزِلْ عَلَيْنَا﴾.
﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ﴾ أي: بعد نزول المائدة ﴿فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ يعني: عالمي زمانه، فجحد القوم، وكفروا بعد نزول المائدة، فمسخوا قردة وخنازير.
قال عبد الله بن عمرو: إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المنافقون، ومن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون (٢).
واختلف العلماء في المائدة هل نزلت عليهم أم لا؟ فقال مجاهد: ما نزلت المائدة، وهذا مثل ضرب (٣).
وقال الحسن: والله ما نزلت المائدة، إن القوم لما سمعوا الشرط، وقيل لهم ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ استعفوا، وقالوا: لا نريدها، ولا حاجة لنا فيها، فلم تنزل (٤).
والصواب أنها نزلت لقوله -عز وجل-: ﴿إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ﴾ ولا يقع في
(١) الإسراء: ١٠٦.
(٢) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٧/ ١٣٦، وعبد بن حميد، وأبو الشيخ، كما في "الدر المنثور" للسيوطي ٢/ ٦١٤.
(٣) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٧/ ١٣٥، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ١٢٤٨.
(٤) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٧/ ١٣٥، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ١٢٥٢، وابن الأنباري في "الأضداد" (ص ٣٥١، ٣٥٢).