على الكفر، وإن تغفر للذين أسلموا وتابوا؛ لأنه قال: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ﴾، ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ﴾ يعني: للناس وفيهم المسلمون والمشركون، فقوله: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ﴾ راجع إلى الكافرين، وقوله ﴿وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ﴾ راجع إلى المؤمنين.
فإن قيل: فما وجه سؤال الله عيسى، مع علمه بأنه لم يقل ذلك؟
فالجواب عنه: أنه توبيخ لقوم عيسى، وتحذير له عن هذِه المقالة، ونهي عنها، وإعلامه بذلك بصنيع قومه على جهة التحذير له، والتوبيخ لهم، كما يقول القائل للآخر: أفعلت كذا وكذا؟ فيما يعلم أنه لم يفعله، إعلامًا واستعظامًا، لا استخبارًا واستفهامًا.
والآخر (١): أراد الله تعالى أن يقر عيسى على نفسه بالعبودية، ويظهر منه تكذيبهم وتخطئتهم، وأنه لم يأمرهم بذلك، فتكون حجة عليهم، فذلك قوله ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ﴾ معبودين من دون الله.
قال أبو روق، وميسرة: إذا قال الله تعالى لعيسى ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أرعدت مفاصله، وانفجرت من أصل كل شعرة على جسده عين من دم (٢).
وانظر: هذين الوجهين في "جامع البيان" للطبري ٧/ ١٣٨.
(٢) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٧/ ١٣٧، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ١٢٥٣ عن ميسرة. وابن المنذر وأبو الشيخ، كما في "الدر المنثور" ٢/ ٦١٥، إلا قوله: وانفجرت من أصل كل.. ، فليس هو في رواية ميسرة عندهم.