إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} (١) أي: وحيًا.
وقيل: أراد بالروح جبريل - عليه السَّلام -، معناه: وكلمته ألقاها إلى مريم وألقاها أيضاً إليها، وروح منه، وهو جبريل-عليه السلام-، يدل عليه قوله في النحل: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ (٢) نظيرها في الشعراء: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ (٣)، وقال: ﴿وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ (٤)، وقال: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ﴾ (٥) يعني جبريل، وقال: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾ (٦) يعني: جبريل - عليه السَّلام -.
وقيل: أراد به الروح الذي يَحْيَى به الجسد، أضافه إليه على التخصيص كقوله: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾ (٧) لآدم - عليه السَّلام - (٨).
[١٢٠٧] سمعت أبا القاسم الحبيبي (٩) يقول: كان لهارون الرشيد (١٠) غلام نصراني متطبب، وكان أحسن خلق الله وجهًا،
(٢) النحل: ١٠٢.
(٣) الشعراء: ١٩٣.
(٤) البقرة: ٢٥٣.
(٥) القدر: ٤.
(٦) مريم: ١٧.
(٧) الحجر: ٢٩.
(٨) ذكر هذه الأقوال: الطبري في "جامع البيان" ٦/ ٣٦، ثم قال: ولكل هذه الأقوال وجه، ومذهب غير بعيد من الصواب.
وانظر: "زاد المسير" لابن الجوزي ٢/ ٢٦١ - ٢٦٢.
(٩) قيل: كذَّبه الحاكم.
(١٠) هارون بن محمَّد بن أبي جعفر المنصور، من أعظم خلفاء بني العباس، وأنبلهم، ذو حج، وعبادة، وجهاد، وغزو، وشجاعة، ورأي، وهو أشهر من أن يترجم له، =