وقال الضحاك: ﴿عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾: من قبل كباركم (١) ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: من أسفل منكم.
وقال مجاهد: ﴿عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾: السلاطين الظلمة، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: العبيد السوء (٢).
﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾: أو يخلطكم فرقًا، ويبث فيكم الأهواء المختلفة ﴿وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾: يعني: السيوف المختلفة، يقتل بعضكم بعضًا، كما فعل ببني إسرائيل، فلما نزلت هذِه الآية قال رسول الله - ﷺ -: "يا جبريل ما بقاء أمتي على ذلك؟ " فقال: إنما أنا عبد مثلك، فسل ربك.
فقام رسول الله - ﷺ - فتوضأ وصلى، وسأل ربه، فأُعطِي اثنتين، ومُنِع واحدة، قال رسول الله - ﷺ -: "سألته أن لا يبعث على أمتي عذابًا من فوقهم أو من تحت أرجلهم، فأعطاني ذلك، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعني، وأخبرني جبريل أن فناء أمتي بالسيف" (٣).
(٢) "معالم التنزيل" للبغوي ٣/ ١٥٣، ورواه الطبري في "جامع البيان" عن عبد الله بن عباس ٧/ ٢٢٠، ثم رجَّح القول الأول فقال: وأولى التأويليْن في ذلك بالصواب عندي، قولُ من قال: عنى بالعذاب من فوقهم، الرجمَ أو الطوفان وما أشبه ذلك مما ينزل عليهم من فوق رؤوسهم، ومن تحت أرجلهم، الخسفَ وما أشبهه؛ وذلك أن المعروف في كلام العرب من معنى فوق" و (تحت) الأرجل، هو ذلك، دون غيره، وإن كان لما رُوِيَ عن ابن عباس في ذلك وجه صحيح، غير أن الكلام إذا تُنُوزع في تأويله، فحمله على الأغلب الأشهر من معناه أحق وأولى من غيره، ما لم تأتِ حجة مانعة من ذلك يجب التسليم لها.
(٣) أخرجه الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" ٢/ ٤٠٧، ٤٠٨ بإسناده من =