وسيدنا، وإن محمدًا قد آذانا وآذى آلهتنا، فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ولندعنَّه وإلهه، فدعاه، فجاء النبي - ﷺ -، فقال له أبو طالب: هؤلاء قومك وبنو عمك، قال رسول الله - ﷺ -: "ما يريدون؟ " قالوا: نريد أن تدعنا وآلهتنا، وندعك وإلهك: وقد أنصفك قومك، فاقبل منهم، فقال النبي - ﷺ -: "أرأيتم إن أعطيتكم هذا هل أنتم معطيّ (١) كلمة إن تكلمتم بها ملكتم العرب ودانت لكم بها العجم". قال أبو جهل: نعم. وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها فما هي؟ قال: "قولوا: لا إله إلاّ الله" فأبوا واشمأزّوا. وقال أبو طالب: قل غيرها يا ابن أخي، فإن قومك قد فزعوا منها. فقال: "يا عم، ما أنا بالذي أقول غيرها، ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها". فقالوا: لتكفَّنَّ عن شتمك آلهتنا أو لنشتمنك ولنشتمن من يأمرك، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يعني: الأوثان ﴿فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا﴾ (٢).
وقرأ أبو رجاء والحسن وقتادة ويعقوب: (عُدُوًّا): بضم العين والدال وتشديد الواو أي: اعتداءً وظلمًا (٣).
﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾: فلما نزلت هذِه الآية، قال رسول الله - ﷺ - لأصحابه:

(١) في (ت): معطِ: كأنه خطاب لعمه، والصواب أنه - ﷺ - كان يخاطب عمه ومن معه من قريش.
(٢) أخرجه الطبري (١٣٧٤٠)، وابن أبي حاتم عن السدي (٧٧٦١) وهو مرسل.
(٣) "إتحاف فضلاء البشر" ٢/ ٢٦. "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٣٢.


الصفحة التالية
Icon