ميزان له لسان وكِفّتان، فأمَّا المؤمن فيؤتى بعمله في أحسن صورة فيوضع في كفّة الميزان وهو الحق فيثقل حسناته على سيئاته فيوضع عمله في الجنّة فيعرفها بعمله فذلك قوله: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الناجون ولهم أعرف بمنازلهم إذا انصرفوا إليها من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم، وأمَّا الكفّار فيؤتى بأعمالهم في أقبح صورة فتوضع في كفّة الميزان وهو الباطل فيخفّ وزنه حتّى يقع في النار، ثمّ يقال للكافر: الحق بعملك (١).
فإن قيل: فكيف يصح وزن الأعمال وهي أعراض وليست بأجسام؟ فيجوز وزنها ووصفها بالثقل والخفة، قلنا: الوزن راجع إلى الصحف التي فيها أعمال العباد مكتوبة، يدلّ عليه حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: يُؤتى بالرجل يوم القيامة إلى الميزان ثمّ يخرج له تسعة وتسعون سجلا كلّ سجل منها مدّ البصر فيها خطاياه وذنوبه فيوضع في الكفّة ثمّ يُخرج له كتاب مثل الأنملة فيها شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً عبده ورسوله - ﷺ - فيوضع في الكفّة الأُخرى فَتَرْجَح بخطاياه وذنوبه. (٢) ونظير هذِه الآية قوله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾ (٣) إلى آخر الآية.

(١) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ١٧٠ بنحوه مختصرا، عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٨/ ١٢٤ عن عبد الله، ورواه أحمد في "المسند" (٦٩٩٤) مطولاً، ٢/ ٢١٣ (٦٩٩٤)، ورواه الحاكم في "المستدرك" ١/ ٤٧، وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(٣) الأنبياء: ٤٧.


الصفحة التالية
Icon