إلّا قوتًا، ولا يأكلون دسمًا في أيام حجّهم يعظّمون بذلك حجّهم، فقال المسلمون: يا رسول الله نحن أحق أن نفعل، فأنزل الله تعالى: ﴿وَكُلُوا﴾ يعني: اللحم والدسم ﴿وَاشْرَبُوا﴾ (١). ﴿وَلَا تُسْرِفُواْ﴾ يعني: الحرام. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: كُلْ ما شئت، والْبَس ما شئت ما أخطأتك خصلتان: سَرَف ومَخِيلَة (٢).
وقال مجاهد: الإسراف ما قَصَّرت به عن حَقِّ الله -عزَّ وجلَّ-، وقال: لو أنفقت مثل أُحُد في سبيل الله لم تكن مسرفًا، ولو أنفقت درهمًا أو مُدًّا في معصية الله تعالى كان إسرافًا (٣).
وقال الكلبي: ولا تُسرفوا يعني ولا تحرّموا طيّبات ما أحلّ الله لكم (٤) ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (٥). المجاوزين الحلال إلى الحرام في الشراب والطعام.
وبلغني أنّ الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق، فقال لعليّ بن الحسين بن واقد: ليس في كتابكم من علم الطب شيء، والعلم
(٢) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" ٢/ ١٥٧ عنه. مَخِيلَةٍ: أي ذو كِبْرٍ.
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ١١/ ٢٢٦ (خيل).
(٣) ذكره السمرقندي في "بحر العلوم" ١/ ٥١٩، وذكره البغوي في "معالم التنزيل" ٣/ ١٩٦ عنه، إلّا أنهما قالا: لو كان أبو قُبَيْس ذَهَبَا لرجل فأنفقه في طاعة الله.. الخ. وفيه اختلاف في الألفاظ.
(٤) لم أجده.
(٥) في الأصل: (ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين) وما أثبته من (ت) و (س) وهو كذلك في كتاب الله.