وقام أبو اليسر بن عمرو الأنصاري (١) أخو بني سلمة فقال لرسول الله: إنّك وعدتنا مَن قتل قتيلا فله كذا، ومَنْ أسر أسيرًا فله كذا، وإنّا قد قتلنا سبعين، وأسرنا سبعين، فقام سعد بن معاذ فقال: والله ما منعنا أن نطلب ما طلب هؤلاء زهادةً في الآخرة، ولا جُبْن عن العدو، لكنا كرهنا أن يُعرى مصافك، فيعطف عليك خيل (من خيول) (٢) المشركين فيصيبوك، فأعرض عنهما رسول الله - ﷺ -، ثمّ عاد أبو اليسر لمثل مقالته، وقام سعد بمثل كلامه، وقال: يا رسول الله إنّ الناس كثير، وإن الغنيمة دون ذلك، فإن تعطِ هؤلاء الذين ذكرت، لم يبقَ لأصحابك كثير شيء. فنزلت ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ الآية. فقسّم رسول الله - ﷺ - بينهم بالسويّة (٣).
وروى مكحول عن أبي أُمامة الباهلي قال: سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال؟ فقال: فينا معشر أصحاب بدر نزلت، حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقُنا، فنزعه الله من أيدينا، فجعله إلى رسول الله - ﷺ - فقسمه رسول الله بين المسلمين عن بَوَاء (٤)

(١) هو: كعب بن عمرو الأنصاري السَّلَمي المدني البدري العِقبي.
(٢) من (ت).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "تفسير القرآن" ١/ ٢٤٩ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بنحوه، وليس فيه قوله: : فقسّم رسول الله - ﷺ - بينهم بالسوية. وفيه أن الَّذي رد على أبي اليسر سعد بن عبادة - رضي الله عنهما -، وفي إسناده محمد بن السائب الكلبي متروك.
(٤) جاء في "تهذيب اللغة" للأزهري ١٥/ ٥٩٧: وقسم المال بينهم على بواء. أي: على سواء.


الصفحة التالية
Icon