ثم يحتاجون أيضًا إلى تأخير صفر إلى الشهر الذي بعده كحاجتهم إلى تأخير المحرّم، فيؤخرون تحريمه إلى ربيع، ثم يمكثون بذلك ما شاء الله، ثم يحتاجون إلى مثله، ثم كذلك فكذلك تتدافع شهرًا بعد شهر حتى استدار على السنة كلها فقام الإِسلام وقد رجع المحرم إلى موضعه الذي وضعه الله به، وذلك بعد دهر طويل.
وقال مجاهد: كان المشركون يحجون في كل شهرٍ عامين، فحجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، وكذلك في المشهور حتى وافقت حجة أبي بكر - رضي الله عنه - التي حجها قبل حجة الوداع السنة الثانية من ذي القعدة، ثم حج النبي - ﷺ - في العام القابل حجة الوداع فوافقت ذا الحجة، فذلك حين قال النبي - ﷺ - في خطبته: "ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" (١).
(١) متفق عليه. وقد تقدم. =