الخدري - رضي الله عنه -: إنّما كان ذلك يوم بدر خاصة، ولم يكن لهم أن ينحازوا، (ولو انحازوا لانحازوا) (١) إلى المشركين، ولم يكن يومئذ في الأرض مسلم غيرهم، ولا للمسلمين فئة إلا النبيّ - ﷺ -، فأمّا بعد ذلك فإنّ المسلمين بعضهم فئة لبعض. وبمثله قال الحسن والضحاك وقتادة (٢).
وقال يزيد بن أبي حبيب: أوجب الله لمن فرّ يوم بدر النار، فقال: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ﴾ الآية، فلمّا كان يوم أُحد بعد ذلك قال: ﴿إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ (٣) ثمّ كان يوم حنين بعد ذلك بسبع سنين، فقال: ﴿ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ (٤) ﴿ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ﴾ (٥) (٦).
وقال عطاء بن أبي رباح: هذِه الآية منسوخة بقوله: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ﴾ (٧) فليس لقوم أن يفروا من مثلَيْهم. فنسخت تلك الآية هذِه العدّة (٨).
وقال الكلبي: من قُتِل اليوم في الجهاد مقبلا أو مدبرًا فهو شهيد،
(٢) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٩/ ٢٠١ - ٢٠٢ عنهم.
(٣) آل عمران: ١٥٥
(٤) التوبة: ٢٥
(٥) التوبة: ٢٧
(٦) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٩/ ٢٠٢ عنه بمثله.
(٧) الأنفال: ٦٦
(٨) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١٣/ ٤٣٦ عنه بنحوه. =