بها ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ ثمّ خرج أُولئك البقية من المسلمين من بينهم فعذبوا، وأذن الله في فتح مكّة، فهو العذاب الذي وعدهم (١).
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: لم تعذِّب قرية حتّى خرج النبيّ والذين آمنوا ويَلْحق بحيث أُمر، فقال: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) يعني المسلمين، فلما خرجوا قال الله: (وما لهم ألا يعذبهم الله) فعذبهم يوم بدر. (٢)
وقال بعضهم: هذا الاستغفار راجع إلى المشركين، ومعنى الآية: وما كان الله ليعذب هؤلاء المشركين ما دمتَ فيهم، وما داموا يستغفرون. وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت ويقولون لبيك لبيك لا شريك إلاّ شريكا هو لك تملكه وما ملك، ويقولون: غفرانك غفرانك. هذِه رواية أبي زُميل عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
وروى أبو معشر عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس قالا: قالت قريش بعضها لبعض: محمد أكرمه الله من بيننا (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء). الآية، فلمّا أمسوا ندموا على ما قالوا، وقالوا: غفرانك اللهم. فأنزل الله عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (٣).
(وقال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: إنّه كان فيكم أمانان. قوله: {وَمَا

(١) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٩/ ٢٣٤ عنهم.
(٢) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٩/ ٢٣٥ عنه، بنحوه دون قوله: فعذبهم يوم بدر.
(٣) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٩/ ٢٣٥ عنهم بنحوه.


الصفحة التالية
Icon