وقال مجاهد: نزلت في ناس من أصحاب النبي - ﷺ -، خرجوا في البوادي، فأصابوا من فيها معروفًا وخصبًا، ودعوا من وجدوا من الناس على الهدى، فقال الناس لهم: ما نراكم إلا وقد تركتم صاحبكم وجئتمونا، فوجدوا في أنفسهم من ذلك حَرَجًا، وأقبلوا كلّهم من البادية حتى دخلوا على النبي - ﷺ -، فأنزل الله -عز وجل-: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ وليستمعوا (١) ما أنزل الله بعدهم ﴿وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ﴾ الناس كلهم ﴿إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ﴾ ويدعوهم إلى الله -عز وجل- ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ بأس الله -عز وجل- ونقمته باتّباعِهِم وطاعتهم له، وقعدت طائفة يبتغون الخير (٢).
قال عكرمة: لما نزلت ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ قال المنافقون: هلك أهل البدو والذين تخلفوا عن محمد - ﷺ - ولم ينفروا معه! وقد كان ناس من أصحاب رسول الله - ﷺ - خرجوا إلى البدو، وإلى قومهم يفقهونهم، فأنزل الله تعالى في العذر لأولئك

(١) في (ت): وليسمعوا.
(٢) "تفسير مجاهد" ١/ ٢٨٨ - ٢٨٩.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" ٣/ ٥٢٢ لابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
وقد أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١١/ ٦٦ - ٦٧، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٦/ ١٩١٠ من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد.. بنحوه.


الصفحة التالية
Icon