والحساب ولا يأملون الثواب ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾.
١٢ - قوله -عز وجل-: ﴿وَإِذَا مَسَّ﴾
أصاب ﴿الْإِنْسَانَ الضُّرُّ﴾ الجهد والشدة ﴿دَعَانَا لِجَنْبِهِ﴾ على جنبه مضطجعًا ﴿أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا﴾ وإنَّما يريد جميع حالاته، لأنَّ الإنسان لا يعدو أحد هذِه الحالات ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا﴾ دفعنا (١) وفرّجنا ﴿عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾؛ أي: استمر على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضرّ، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء، وتَرَكَ الشُّكر والدُّعاء (٢).
قال الأخفش: (كأن لم يدعنا) و (كأن لم يلبثوا) وأمثالهما بمعنى كأنَّ الثقيلة، تقديره: كأنه لم يدعنا (٣).
﴿كَذَلِكَ﴾؛ أي كما زيّن لهذا الإنسان الدعاء (٤) عند البلاء، والإعراض عند الرخاء، كذلك ﴿زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ﴾ المجاوزين الحدّ في الكفر والمعصي ﴿مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ من الكفر والمعصية.
والإسراف يكون في النَّفس وفي المال، ضيع نفسه إذا جعلها عابدة

(١) في هامش الأصل: في نسخة: رفعنا.
(٢) انظر: "جامع البيان" للطبري ١١/ ٩٣.
(٣) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٣٦٩: وهي (كأنَّ) الثقيلة، ولكنه أضمر فيها فخفَّف، كما تخلَّف (أَنَّ) ويضمر فيها، وإنَّما هي (كأنْه لم) -هكذا ضبط بتسكين النون، والصَّواب تشديدها.
وانظر هذا المعنى أيضاً في "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ١٠.
(٤) في (ت): بالدعاء.


الصفحة التالية
Icon