وقيل: إن الله تعالى عَلِم أن الرسول - ﷺ - لم (١) يشكّ، ولكنه أراد أن يأخذ الرسول بقوله؛ (لا شكَّ ولا امتراء) (٢) بل إقامةً للحجة على الشَّاكِّين من قومه، كما يقول لعيسى عليه السلام: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ (٣) وهو يعلم أنَّه لم يقله؛ ليأخذه بقوله ﴿سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ﴾ (٤) إقامة للحجة على النصارى. وقال الفراء: علم الله سبحانه أن رسول الله - ﷺ - غير شاك فقال له: فإن كنت في شكِّ؛ وهذا كما تقول لغلامك الَّذي لا يشك في مُلكِكَ إياه: إن كنت عبدي فأطعني (٥)، وكما تقول لابنك: إن كنت ابني فبرني (٦).
وقال عبد العزيز بن يحيى الكتاني: الشاكّ في الشيء يضيق به الصدر، فيقال لِضَيِّقِ الصَّدْر شاكّ، يقول يعني الله سبحانه: إن ضقت ذرعًا بما تُعاين من تعنتهم وبغيهم وأذاهم؛ فاصبر واسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك فيخبرونك كيف صبر الأنبياء على أذى قومهم، وكيف كان عاقبة أمرهم من النصر والتمكين (٧).

(١) في (ت): لا.
(٢) في هامش الأصل: في نسخة: لا أشك ولا أمتري، وكذا هي في (ت).
(٣) المائدة: ١١٦.
(٤) المائدة: ١١٦.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٧٩.
(٦) مثل به الطبري في "جامع البيان" ١١/ ١٦٩.
(٧) ذكره مختصرًا بدون نسبة القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ٨/ ٣٨٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ٥/ ١٩١.


الصفحة التالية
Icon