وقال قتادة: قال رجل من أصحاب رسول الله - ﷺ -: يا نبي الله؛ إن من آبائنا من كان يُحْسِن الجوار، ويصل الأرحام، ويفكّ المعاني، ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ فقال: "بلى وأنا والله لأستغفرن لأبي، كما استغفر إبراهيم لأبيه"، فأنزل الله تعالى ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (١)، أي: ما ينبغي للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين.
وقال أهل المعاني: (ما كان) في القرآن على وجهين: أحدهما: بمعنى النفي كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُواْ شَجَرَهَا﴾ (٢) و ﴿وَمَا كَانَ لِنَفسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ (٣) و {وَمَا كَانَ لِنَفسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذنِ اللَّهِ﴾ (٤).
والآخر: بمعنى النهي؛ كقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤذُواْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ (٥)، وقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (٦).
وهو في "جامع البيان" ١١/ ٤٣ من طريق يزيد، عن سعيد، عن قتادة.. به.
وذكره ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" ٧/ ٢٩٨.
(٢) النمل: ٦٥.
(٣) آل عمران: ١٤٥.
(٤) يونس: ١٠٠.
(٥) الأحزاب: ٥٣.
(٦) لم أقف عليه فيما بين يدي من كتب المعاني والغريب والتفسير وحروف المعاني.