رسول الله - ﷺ - إذا صلى بأصحابه رفع (١) صوته بالقرآن فإذا (سمع ذلك) (٢) المشركون سبّوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، ورموا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالخبث ولغوا، فربما صفقوا وربما صفروا ولغطوا (٣) ليغلطوا النبي -صلى الله عليه وسلم- ويخلطوا عليه فأنزل الله -عز وجل- ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ بقراءتك في الصلاة فيسمع المشركون فيؤذوك ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ فلا تُسمع أصحابك، حتى يأخذوا عنك.
وقال سعيد بن جبير (٤) رحمه الله: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجهر بقراءة

= كتاب التفسير، سورة الإسراء، باب ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ (٤٧٢٢)، والإمام مسلم في "الصحيح" في كتاب الصلاة، باب التوسط في القراءة (٤٤٦)، والإمام النسائي في "التفسير" ١/ ٦٧١ (٣٢٠)، والإمام الترمذي أبواب التفسير، ومن سورة الإسراء (٣١٤٦) كلهم من طريق هشيم قال: أخبرنا أبو بشر عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما- قال: نزلت ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوار -مختف- بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن -بالقراءة-، فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ فيسمع المشركون قراءتك ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ بها عن أصحابك، أسمعهم القرآن ولا تجهر ذلك الجهر ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ يقول: بين الجهر والمخافتة. وكذلك نقله الواحدي في "أسباب النزول" (ص ٣٠٣)، والسيوطي في "لباب النقول" (ص ١٤٢) بإيجاز. ولكن الثعلبي -سامحه الله- لم يذكر أحدًا من المحدثين المعروفين وسياقهم، بل اختار سياقًا غريبًا طويلًا، ولم يذكر لذلك مرجعًا، وغالبًا كذلك يفعل، فالله المستعان.
(١) في (أ): يرفع.
(٢) في (م): سمعه.
(٣) من (أ).
(٤) رواه الطبري في "جامع البيان" ١٥/ ١٨٦.


الصفحة التالية
Icon