فلذلك أخرجه الله من أولي العزم (١) فقال لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ (٢)، وقال: ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ (٣) أي: لا تلق أمري كما ألقاه (٤).
﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ (أي: لن نقضي) (٥) عليه بالعقوبة، قاله مجاهد وقتادة والضحاك والكلبي (٦) وهي رواية العوفي عن ابن عباس (٧).

(١) اختلف العلماء في المقصود بأولي العزم من الرسل على قولين:
القول الأول: أنهم جميع الرسل وتكون ﴿مِّن﴾ في قوله: ﴿مِّنَ الرُّسُلِ﴾ لبيان الجنس.
القول الثاني: أن المقصود بهم بعض الرسل، واختلفوا في عدتهم على أقوال أشهرها كما ذكر ابن كثير أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -صلى الله عليه وسلم- واستدل أصحاب هدْا القول بقوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧)﴾ [الأحزاب: ٧]. وبقوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ [الشورى: ١٣].
انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٦/ ٢٢٠ - ٢٢١، "تْفسير القرآن العظيم" لابن كثير ١٣/ ٥٦.
وهذا القول هو الراجح وقد رجحه ابن القيم كما في "زاد المعاد" ١/ ٤٣.
(٢) الأحقاف: ٣٥.
(٣) القلم: ٤٨.
(٤) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١٧/ ٧٧، بنحوه. والإسناد ضعيف.
(٥) ساقط من (ج).
(٦) في الأصل: الكسائي.
(٧) أخرجه عبد الرزاق في "تفسير القرآن" ٢/ ٢٧، قال أنا معمر عن قتادة والكلبي، =


الصفحة التالية
Icon