وقال أهل الحقائق (١): سجود الجماد وما لا يعقل ما فيها من ذلة الخضوع والتسخير وآثار الصنعة والتصوير الذي يدعو العاقلين إلى السجود لله عز وجل (٢).
كما قال الشاعر (٣):
وفي كل شيء له آية... تدل على أنه الواحد (٤)
﴿وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾ بكفره وهو مع ذلك يسجد لله ظله (٥) قاله مجاهد (٦).

(١) أهل الحقائق: هم المفسرون الذي يهتمون بفهم حقائق الألفاظ المفردة التي أودعها القرآن، بحيث يحقق المفسر ذلك من استعمالات أهل اللغة.
انظر: "التفسير والمفسرون" للذهبي ١/ ٢٦٩.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤١٨، بنحوه، "معالم التنزيل" للبغوي ٥/ ٣٧٢، بنحوه وقال: وهذا مذهب حسن موافق لأهل السنة.
قلت: وآثار الصنعة التي تجعل العاقلين يسجدون لله سبحانه وتعالى لا يمانع أنها تسجد بذاتها لله سبحانه وتعالى، فقد وصف الله الحجارة بأن منها ما يهبط من خشيته تعالى، والخشية من صفات العاقل، فإذا وصف بها الحجارة فليس هناك مانع من سجود هذِه المخلوقات لله تعالى سجودًا حقيقيًّا، والله أعلم.
(٣) إسماعيل بن قاسم بن سويد بن كيسان العنزي، مولاهم الكوفي، أبو العتاهية، نزيل بغداد، رأس الشعراء، الأديب الصالح الأوحد، سار شعره لجودته وحسنه وعدم تقعره، تنسك بأخرة وقال في المواعظ والزهد فأجاد، مات سنة (٢١٣ هـ). انظر: "سير أعلام النبلاء" للذهبي ١٠/ ١٩٥ (٤٣).
(٤) في النسخ: (واحد)، "ديوان أبي العتاهية" (ص ١٢٢).
(٥) من (ب)، (ج).
(٦) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١٧/ ١٣٠، بمعناه. والإسناد ضعيف. =


الصفحة التالية
Icon